دعوى عدم قبول مسجد الصبور للتسقيف!
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
ردٌّ موجز على بيان المدعو أحمد البحراني الذى ادَّعى فيه انَّ مسجد الصبور هو معيار الغيبة والظهور وانَّه إذا تمَّ تسقيف المسجد فلم يسقط سقفُه فإنَّ ذلك يكون علامةً على تحقُّق الظهور، وعلامةً على صحَّة دعوى احمد اسماعيل القاطع انَّه رسولُ المهدي (ع).
فالجواب انَّه لو تمَّ تسقيف مسجد الصبور فلم يسقط السقف، لماذا لا يكون ذلك دليلاً على انَّ دعوى انَّ المسجد لا يقبل التسقيف في عصر الغيبة لم تكن سوى اسطورة.
ثانياً: إنَّ توصيف صاحب البيان لدعوى عدم قبول المسجد للتسقيف ما دامت الغيبة بأنًّها قضية فوق الشبهات ليست سوى دعوى جزافيَّة لا تبتني على أساسٍ قويم، كيف والشبهات تحوط هذه القضية المزعومة من كلِّ اتجاه
فمَن هم الذين عاينوا هذه القضيَّة؟ ما هي اسماؤهم؟ وكم كان عددهم؟ وما هو مقدار تثبُّتهم؟ وهل كانوا من الثقاة، ومتى وقعت هذه القضية وهل تكرَّرت مراراً بما يُصحِّح البناء على صدق هذه الدعوى؟
ثم مَن هو الشيخ محسن الصبور؟ وإلى أيِّ اسرة ينتمي؟ ومن هم العلماء الذين كان قد عاصرهم فعرفوه بالحيطة والتثبُّت؟ وهل لكم طرقٌ متَّصلة إليه تُثبت انَّه ادَّعى ذلك تحديداً أوهل يُوجد مستنداتٌ علميَّة تصلح لإثبات انَّ الشيخ الصبور قد ادَّعى هذه القضية؟ كلُّ ذلك- بعد التحرِّي- لم نجد له عيناً ولا أثراً.
ثم إنَّ البحرين لم تخلُ من علماء على امتداد التاريخ خصوصاً في البلاد القديم والقرى والمناطق المجاورة لها، فمَن هم العلماء الذين عاصروا هذه القضية وادَّعوا التثبُّت من صدقها؟ ومَن هم العلماء الذين وثَّقوا لهذه القضية في مدوَّناتهم؟ لماذا لا نجد في كتب أحدٍ منهم ذكراً يُعتدُّ به لهذه القضية؟ رغم انَّ دواعي النقل لهذه القضية متوافرة، فهي بحسب الدعوى كرامةٌ لامامهم ومعشوقهم (ع)، وهي في ذات الوقت قضيَّةٌ غريبة تسترعي بحسب طبعها اهتمام العلماء والباحثين؟
وأما مَن نقل عنهم صاحبُ البيان هذه القضية فهم لم يدَّعوا المعاينة او التثبُّت من صدق القضية بل نقلوا القضية مرسلةً دون سندٍ ولا مصدر، فالسيِّد صاحب كتاب "مائتان وخمسون علامة" ليس من أهل البحرين ولم يذكر مستنداً للقصَّة وهو من المعاصرين، وأما الناصري فقد نقل القصَّة عن السيد صاحب الكتاب المذكور، وأما موقع الأوقاف فنقل القصَّة عن الناصري الذي نقلها عن السيد صاحب الكتاب المذكور، فهؤلاء الثلاثة لم يذكروا مستنداً للقضية، فنقلُهم لم يكن أحسنَ حالاً من تناقل العوام لها بل الواضح انَّ معتمدهم فيما نقلوه لم يكن سوى ما هو متناقل عن بعض العوام الذين تستهويهم الحكايات والغرائب ولا يهمهم التثبُّت كما انَّهم لا يُحسنون التعاطي مع الوسائل الموجبة للثبُّت من صدق القضايا أو كذبها.
وخلاصة القول: إنَّ دعوى انَّ مسجد الصبور لا يقبل التسقيف في عصر الغيبة ليس لها مستندٌ يصحُّ التعويل عليه، وحيثُ كان الأمرُ كذلك فكيف تقوم عقيدة أو كيف يصحُّ الاستدلال على أمرٍ خطيرٍ كدعوى تحقُّق عصر الظهور وانَّ أحمد اسماعيل القاطع رسولُ المهدي! كيف يصحُّ الاستدلال على هذا الأمر بقضيةٍ هي غير ثابتةٍ أساساً؟!
فالإخبار عن عدم قبول مسجد الصبور للتَّسقيف لم يكن سوى حكايات ومراسيل يتناقلها بعضُ العوام، فليس عندنا مَن يشهد بالمعاينة لهذه الواقعة المدعاة ولا مَن يشهد بالسماع المتَّصل ممَّن عاين من الأثبات هذه الواقعة المزعومة. فكان على صاحب الدعوى قبل ان يفضح نفسه ويكشف عن حظِّه البائس من الفهم انْ يتثبَّت من هذه القضيَّة المزعومة، وكان عليه أنْ يلتفت إلى انَّه لا يصحُّ لدى العقلاء أنْ تُحسم قضيةٌ بقضيةٍ اخرى غير محسومة.
ثالثا: ثم إنَّ الدعوة إلى تسقيف مسجد الصبور جاءت لإثبات انَّ احمد اسماعيل القاطع العراقي رسولٌ للمهدي، فهذا هو ما زعمه أحمد البحراني في بيانه.
ومن الواضح البيِّن انَّ ثمة اجماعاً بالغاً حدَّ التسالم القطعي لدى الطائفة على انَّ كلَّ مَن يدَّعي الاتَّصال والإرتباط بالإمام المهدي (ع) وتلقِّي الأوامر منه بعد الغيبة الصغرى فهو كذَّابٌ مفترٍ، فالضرورة المذهبيَّة قائمةٌ على ذلك، ولهذا فهم متسالمون على عدم جواز الإصغاء إلى كلِّ من يدَّعي الاتصال بالإمام المهدي (ع) وتلقِّي الأوامر منه حتى وإن قدَّم للناس غرائبَ ادَّعي انَّها معجزاتٌ وخوارق فإنَّه لا يُصدَّق ولا يُصغى إلى مزاعمه، تماماً كما لو ادَّعى أحدٌ انَّه نبيٌّ أو رسولٌ من عند الله تعالى فإنَّه لا يُصدَّق ولا يُصغى إلى دعواه، وذلك للتسالم وقيام الضرورة على انَّ النبوة والرسالة قد خُتمت بالنبيِّ محمد (ص).
هذا وقد اشتمل بيان المدعو أحمد البحراني على العديد من المغالطات سنشير إليها إنْ استدعى الأمر ذلك.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
18 محرم 1436