﴿يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
ورد في سورة البقرة: ﴿يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾(1)، إذا كان السحرة يملكون هذه القدرة ويستطيعون التفريق بين الرجل وزوجته، فما معنى عدم تخلُّف ما هو مُقدَّر على الإنسان في اللوح المحفوظ؟!
الجواب:
الآيةُ المباركة تُشير إلى أثرِ السحر وإنّه قد يُؤدِّي إلى التفريق بين المرءِ وزوجه، إذ أنَّ السِحر قد يُحدِثُ وهماً في نفس الزوج فيرى زوجتَه على غيرِ ما هي عليه واقعاً فيُسبِّب ذلك كراهته لها، وقد يُحدِث وهماً في نفس الزوجة فترى زوجَها على غير ما هو عليه واقعًا فتكرهُه، فينتِجُ عن الكراهة الفرقةُ بينهما، فيكون السحرُ بمثابة الكذبِ والنميمة، فكما أنَّ النميمةَ الكاذبة قد تُنتِج الكراهة بين المتحابَّين، وذلك لأنَّ النمَّام يُلقي في رَوْع ضحيتِه صُوراً ممقوتة عن محبوبِه فيؤدِّي ذلك إلى كراهتِه له، كذلك السحر فإنَّ أثرَه كأثر النميمة من هذه الجهة، غايتُه أنَّ الساحر يعتمدُ التمويهَ والخِفَّةَ والحيلةَ والرياضات والخوارق وأما النمَّام فيعتمد الكذب والوشاية.
وأمّا دعوى منافاة ذلك لِما هو مقدَّرٌ في اللوح المحفوظ فهو غيرُ صحيحٍ، إذ أنّ المقدَّر على نحوين فمنُه محتومٌ وهو الذي يكونُ في اللوح المحفوظ، ومنه ما هو غير محتوم وهو المكتوب في لوح المَحوِ والإثبات، قال تعالى: ﴿يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾(2).
ولذلك تكونُ الصدقةُ والدعاءُ وصلةُ الرحم، والمعصيةُ وقطعيةُ الرحم والظلم مؤثِّرة في المقادير.
والحمد لله رب العالمين
من كتاب: شؤون قرآنية
الشيخ محمد صنقور
1- سورة البقرة / 102.
2- سورة الرعد / 39.