هل كان قتلُ الحسينِ (ع) من القضاء؟

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل يُعتبر قتل الإمام الحسين (ع) وما ابتُليت به عائلته من القضاء؟ هل كان رحمةً من الله تعالى؟

الجواب:

نعم، هو قضاءٌ من الله تعالى، لذلك ورد أن الإمام الحسين (ع) كان يقول قُبيل استشهاده: "يا إلهي صبراً على قضائك ولا معبود سواك"(1) وورد أنَّه قال بعد أنْ تلقَّى دمَ ابنِه الرضيع: "يا ربِّ إنْ كنتَ حبستَ عنَّا النصرَ من السماء فاجعلْ ذلك لِمَا هو خيرٌ منه وانتقم لنا من هؤلاءِ القوم الظالمين"(2).

فما وقع على سيِّد الشهداء (ع) وأسرته لا يخرجُ عن قضاء الله تعالى وقدره إلا أنَّ أسبابه كانت اختياريَّة، فالإمامُ (ع) هو مَن اختار طريق الشهادة، وذلك بتصدِّيه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأعداؤه حين قتلوه كانوا مختارين، فهم مَن اختار طريقَ الشقاء، ولم يكونوا مجبرين عليه، لذلك استحقَّ الحسينُ (ع) الثناء واستحقَّ قتَلةُ الحسين (ع) الذمَّ والطرد من رحمة الله تعالى.

وأمَّا أنَّ ما أصاب الحسين (ع) هل هو رحمةً فنعم هو رحمة بالمنظور الأخروي، ولذلك ورد في الخبر أنَّ الرسول (ص) خاطبَ الحسين (ع) قائلًا: "لك درجةٌ في الجنة لا تصلُ إليها إلا بالشهادة"(3) وورد فيما أَوحى اللهُ تعالى إلى داود (ع): ".. قل للمظلوم: إنَّما أُؤخِّر دعوتك وقد استجبتُها على من ظلمك .. وإمَّا أن تكون لك درجة لا تبلغها عندي إلا بظلمه لك، لأنِّي أختبرُ عبادي .."(4).

فما يقعُ على المؤمن في الدنيا من اِبتلاءات وإنْ كانت في ظاهرها عذاب إلا أنَّها رحمةٌ إلهيَّة لأنَّها تستوجب السعادة في دار الخلود والدرجة السامية عند الله جلَّ وعلا، فالسعادةُ في الآخرة هي السعادة الحقيقية لأنَّها لا تنقطع ولا يشوبُها كدرٌ ولا تنغيص، لذلك قال الله تعالى: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾(5).

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- ينابيع المودة لذوي القربى -القندوزي- ج3 / ص82.

2-الارشاد -المفيد- ج2 / ص108، تاريخ الطبري- الطبري- ج4 / ص342، إعلام الورى -الطبرسي- ج1 / ص466.

3- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج64 / ص250.

4- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج14 / ص43.

5- سورة القمر / 48-49.