استعمال الموسيقى في رِثاءِ الحُسين (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على مُحمَّد وآلِ مُحمَّد

ثمَّة سلوكٌ بدأ ينحو منحى الظاهرةِ في وسطِ الرَّواديد، وهو دَبلجةُ المرثيَّات بأنغامِ الموسيقى بذَريعةِ أنَّ ذلك أوقعُ في القلبِ وأكثرُ تأثيرًا وجاذبيةً، وأنَّه يُساهمُ في انصراف النَّاشئةِ عنِ الاستماعِ إلى الموسيقى المناسبةِ لمَجالسِ أهلِ الفُسوقِ واللَّهو.

وهذه المبرِّراتُ وإنْ كانت راجِحة، إلاَّ أنَّها لا تُسوِّغ التوسُّلَ بما هو مَمقوتٌ في الشريعةِ، فالاستماعُ إلى أصواتِ الأنغامِ أمرٌ مَبغوض، وإنْ كانت المَبغوضيةُ متفاوتةً بتفاوتِ أنساقِ النَّغم، فقد تَصل المبغوضيةُ إلى مستوى الحُرمة، وقد تكونُ دونَ ذلك، إلاَّ أنَّها وعلى أيِّ تقديرٍ لا تَخرجُ عن دائرةِ الكَراهة.

وعَليهِ، فمِن غيرِ المُناسبِ لِمقامِ أهلِ البيتِ (ع) أنْ يُضمَّنَ رِثاؤهُم أصواتًا وأنغامًا يَمقتُها اللهُ ورسولُه (ص).

هذا بالإضافةِ إلى أنَّ التَّمييز بينَ الأنغامِ اللَّهويةِ المُناسبةِ لمجالسِ الفسقةِ والأنغامِ غيرِ اللَّهوية أمرٌ لا يكاُد يتيسَّرُ لأكثرِ النَّاس، وذلكَ لشدَّة التشابُه بينَها.

وعليهِ، ففي استعمالِ الموسيقى في الرِّثاءِ الحسينيِّ مظنَّةُ الوقوعِ في الحرام، إذْ إنَّ مَنْ حامَ حولَ الحِمى -كما أفادَ أهلُ البيت (ع)- كادَ أنْ يقَعَ فيه، ومنِ ارتكبَ الشُّبهاتِ وقعَ في المحرَّمات.

أيُّها الإخوةُ الأعزاء، إنَّ لدينا من الكفاءاتِ ما يجعلنا في غنىً عن التوسُّلِ بمثل هذه الوسائلِ، إلاَّ أنَّ مُصيبتَنا هو عدمُ الوُثوقِ بأنفسِنا، فنحن قادرونَ على اجتذابِ أبنائِنا عندما نَسعى مِن أجلِ تحسينِ أدائنا وتحفيزِ المواهبِ الكامنَة عندَنا وعندَ ناشئَتِنا.

تأكَّدوا أيُّها الرَّاثونَ لأبي عبد الله الحُسين (ع) أنَّ ما أنتُم عَليه من كفاءَةٍ ولِياقةٍ يَفوقُ ما عَليه الآخرون، وإنَّ روحَ القُدس تُظلِّلكم ما دُمتم في خطِّ سيِّد الشُّهداء (ع).

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور

8 محرم 1427 هـ