فصول من السيرة العلوية
أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله الذي علا في توحيدِه، ودنا في تفرُّدِه، وجلَّ في سلطانِه، وعظُمَ في أركانِه، وأحاطَ بكلِّ شيء، وقهرَ جميعَ الخلقِ بقدرتِه وبرهانِه. حميدًا لم يزلْ، ومحمودًا لا يزالُ، ومَجيدًا لا يزولُ، ومُبدِيًا ومُعِيدًا، وكلُّ أمرٍ اليه يعودُ، له الإحاطةُ بكلِّ شيءٍ، والغلبةُ لكلِّ شيءٍ، والقوةُ في كلِّ شيءٍ، والقدرةُ على كلِّ شيءٍ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَه، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا (ص) عَبْدُه ورَسُولُه.
أُوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ، واعلموا عبادَ الله أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سائلُكم عن الصغيرِ من عَملِكم والكبيرِ، عبادَ اللهِ إنَّ أقربَ ما يكونُ العبدُ إلى المغفرةِ والرحمةِ حين يعملُ للهِ بطاعتِه وينصحُه بالتوبةِ، فعليكم بتقوى اللهِ، فإنَّها تجمعُ الخيرَ ولا خيرَ غيرُها، ويُدرَكُ بها من الخيرِ ما لا يُدرَكُ بغيرِها من خيرِ الدنيا وخيرِ الآخرةِ، قال اللهُ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ﴾(1).
أباركُ لكم أيُّها المؤمنونَ ذكرى ميلادِ سيِّدِ الموحِّدينَ وإمامِ المتَّقينَ علِّيِّ بن أبي طالبٍ (ع) وأستثمرُ هذه المناسبةَ الجليلةَ لاستعراضِ شيءٍ من سيرتِه الذاتيَّةِ استعراضًا اجماليًا للتيمُّنِ وتنشيطِ الذاكرةِ مُقتصِرًا في ذلكَ على التعريفِ بسيرتِه في حياةِ الرسولِ (ص) نظرًا لمحدودَّةِ الوقت.
1- وُلد الإمامُ عليٌّ بنُ أبي طالبٍ بنُ عبدِ المطَّلب وهو الإمامُ الأولُ من أئمةِ أهلِ البيت (ع) كما نصَّ على ذلك القرآنُ الكريمُ والسنَّةُ الشريفةُ، وُلدَ في يومَ الجمعةِ في اليومِ الثالثِ عشرَ من شهرِ رجبٍ بعد عامِ الفيلِ بثلاثينَ سنةٍ، وكانتْ ولادتُه في مكةَ الشريفةِ في البيتِ الحرامِ وسطَ الكعبةِ المشرَّفةِ، وهي منقبةٌ لم تكنْ لأحدٍ قبلَه ولم تتَّفقْ لأحدٍ بعدَه، وقد نصَّ على ولادتِه في جوفِ الكعبةِ الكثيرُ من المحدِّثينَ والمؤرخينَ من الفريقين، فمن ذلك ما أفاده الحاكمُ النيسابوريُّ في المستدرَكِ على الصحيحين قال: "فقد تواترت الأخبارُ أنَّ فاطمةَ بنتَ أسدٍ ولَدتْ أميرَ المؤمنين عليَّ بنَ أبي طالبٍ في جوفِ الكعبة"(2) وفاطمة أمُّ عليٍّ (ع) هي بنتُ أسدِ بنُ هاشمِ بنُ عبدِ مناف، فهو هاشميُّ الأبِ والأمِّ، وكان أولَ مَن وُلد من هاشميينِ.
2- تولَّى الرسولُ الكريمُ (ص) تربيتَه وتنشأته بنفسِه كما هو المتسالمُ عليه عند المؤرخينَ والمحدِّثينَ، وهذه الخصوصيَّةُ بتفاصيلِها وامتدادِ أمدِها لم يحظَ بها أحدٌ من الخلقِ سوى فاطمةَ بعد عليٍّ (عليهما السلام) وهي تكتنزُ الكثيرَ من الدِلالاتِ لو تأمَّلها منصفٌ لأذعنَ بأنَّها كافيةٌ للتثبُّت من تميُّزِ عليٍّ (ع) على مَن سواه، ولهذا كان عليٌّ (ع) يحتجُّ بهذه الخصوصيَّةِ التي لا يسعُ من أحدٍ التنكُّرَ لها، فمِن ذلك ما أُثرَ عنه في خطبتِه الشهيرةِ المعروفةِ بالقاصعةِ يقول: "وقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ والْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ، وَضَعَنِي فِي حَجْرِهِ وأَنَا وَلِيدٌ يَضُمُّنِي إلى صَدْرِهِ، ويَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ ويُمِسُّنِي جَسَدَهُ، ويُشِمُّنِي عَرْفَهُ، وكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ، ومَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ ولَا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ .. ولَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ، يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِهِ عَلَمًا، ويَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ، ولَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ، فَأَرَاهُ ولَا يَرَاهُ غَيْرِي، ولَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الإِسْلَامِ، غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) وخَدِيجَةَ وأَنَا ثَالِثُهُمَا، أَرَى نُورَ الْوَحْيِ والرِّسَالَةِ وأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ .."(3).
3- بُعثَ رسولُ الله (ص) بالنبوَّةِ والرسالةِ بعد عامِ الفيلِ بأربعينَ سنةٍ، وآمنَ به عليٌّ من فورِه وصلّى معه، ولهذا كان رسولُ الله (ص) يقولُ لعليٍّ كما يَروي الفريقانِ بأسانيدَ متظافرة فيها الصحيحُ والحسن: "أنت أولُ مَن آمَن بي، وأنت أوَّلُ مَن يُصافحُني يومَ القيامةِ، وأنَت الصدِّيقُ الأكبرُ، وأنتَ الفاروقُ تفرقُ بين الحقِّ والباطلِ"(4).
وعن أبي أيوبٍ الأنصاري قال: قال رسول الله (ص): "لقد صلَّتِ الملائكةُ عليَّ وعلى عليٍّ سبعَ سنين، وذلك أنَّه لم يصلَّ معي رجلُ غيرُه"(5) والروايات في ذلك تفوقُ حدَّ الاستفاضةِ من الفريقين.
4- لمَّا أنّ كلَّفَ اللهُ تعالى نبيَّه (ص) بإنذارِ عشيرتِه الأقربينَ كان عليٌّ (ع) معه، وكان هو أوَّلَ مَن أعلنَ المؤازرةَ للرسولِ (ص)، وفي هذه الواقعةِ صدرَ عن الرسوِل (ص) ما يُعرفُ بحديثِ الدارِ المشهورِ بين الفريقينِ والذي هو من أجودِ الأحاديثِ سندًا وأكثرِها وضوحًا والزامًا حيثُ أفادَ النبيُّ (ص) مخاطبًا عشيرتَه من بني عبدِ المطلب وبني المطَّلبِ قائلًا: "فأيُّكم يُؤازرُني على هذه الأمرِ على أنْ يكونَ أخي ووصيِّ وخليفتي مِن بعدي" حينذاكَ لم يُظهِرْ أحدٌ الإستعدادَ للمؤازرةِ على الدعوةِ سوى عليٍّ (ع) رغم أنَّه كان أحدثَهم سنًّا، فقال رسولُ الله (ص) وقد أخذَ برقبةِ عليٍّ: "إن هذا أخي ووصيِّ وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا"(6).
5- ظلَّ عليٌّ (ع) يُؤازرُ الرسولَ (ص) ويجهدُ ما وسِعَه في حياطتِه من أذى قريشٍ، وكان ملازمًا له في كلِّ موقعٍ من مواقعِ الدعوة، وكان يُرافقُ الرسولَ (ص) إلى غارِ حراء، وحين يخلدُ الرسولُ (ص) للراحةِ كان عليٌّ (ع) معه في دارِه.
6- وحين حُوصر النبيُّ (ص) في السنة السابعة من البعثة في شِعْب أبي طالب ومنعوا عنه وعن عشيرتِه الطعامَ والبيع والشراء ثلاثَ سنين كان عليٌّ (ع) معه، وكان أبو طالب يأمرُ عليًّا أنْ ينامَ على فراشِ الرسول الله (ص) إيهامًا لقريش خشيةَ أنْ يختلسَ شيطانٌ من شياطينِ قريش فيفتكَ بالنبيِّ (ص) أو يطيشَ سهمٌ منهم فيُصيبَ رسولَ الله (ص) في مقتلٍ.
7- وحين تُوفيتْ خديجةُ وأبو طالبٍ (عليهما السلام) في السنةِ العاشرةِ من البعثةِ هاجرَ النبيُّ (ص) إلى الطائفِ وكان عليٌّ (ع) برفقتِه يحضرُ معه مجالسَ العربِ هناك، ويتكبَّدُ معه عناءَ جفوتِهم وقسوتِهم والسخريةِ وصنوفِ الإهانةِ والإيذاءِ التي قابلوا بها الرسولَ (ص) وعليًّا حيثُ كان برفقتِه.
8- وبعد أنْ عاد برفقةِ الرسولِ (ص) إلى مكة وأخذ الإسلامُ في الانتشار وأُسقطَ في أيدي قريشٍ حيثُ لم يتمكَّنوا من وأدِه أو محاصرتِه، فكان الرسولُ (ص) يلتقي قوافلَ العربِ التي كانت تحجُّ إلى مكة ويدعوهم إلى الإسلامِ ويتلو عليهم القرآنَ، وفي تلك المرحلةِ وقعت بيعةُ العقبةِ الأولى والثانيةِ، وكان عليٌّ والحمزةُ وجمعٌ من بني هاشمٍ يعملون على أن يتمَّ الإنجازُ للبيعةِ بعيدًا عن تدخُّلِ قريش ويؤكِّدونَ على عربِ يثربَ العهودَ والمواثيقَ بأنْ ينصروا رسولَ الله (ص) ويُعزِّروه ويُوقِّروه.
9- وحين ذاعَ أمرُ رسولِ الله (ص) ودعوتِه في يثربَ واجتمع رأيُ قريشٍ على اغتيالِه ودبَّروا لذلك مكيدةً تشتركُ في انجازِها كلُّ بطونِ قريشٍ ليضيعَ دمُ النبيِّ (ص) بين القبائل حينذاك أمرَ اللهُ تعالى نبيَّه (ص) بالهجرة إلى يثربَ، وكان قد عهِد إلى عليٍّ (ع) أن يَبيتَ على فراشِه إيهامًا لقريش، وأخبرَه أنَّ ذلك بأمرٍ من اللهِ عزَّ وجل، فقال عليٌّ (ع) "أوتسلمنَّ بمبيتي هناك يا نبيَّ الله؟ قال: نعم، فتبسَّمَ عليٌّ (ع) ضاحكًا، وأهوى إلى الأرضِ ساجدًا، فكانت أولَ سجدةِ شكرٍ في الإسلام، ثم قال (ع): امضي فداك سمعي وبصري وسويداءُ قلبي ومُرني بما شئتَ أكنْ فيه كسِيرتِك وأقعٌ منه بحيثُ مرادُك، وإنْ توفيقي إلا بالله"(7) فقال رسولُ الله (ص) فيما رُوي وما صبرُك على ذلك؟ فقال (ع) إنَّ ذاك ليس من مواطنِ الصبرِ وإنَّما هو من مواطنِ البُشرى(8). ثم ضمَّه النبيُّ (ص) إلى صدرِه وبكى وَجدًا عليه، وحينذاك باهى اللهُ تعالى بعليٍّ ملائكتَه، فما عرِفَ التاريخ إيثارًا بحجمِ هذا الإيثار. ونزلَ جبرئيلُ على قلبِ رسول الله (ص) بهذه الآية ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾(9). أي يبيعُ نفسَه للهِ تعالى.
10- ثم إنَّ عليًّا (ع) بعد أنْ ناوشَ قريشًا فجرًا بعد اقتحامِهم دارَ النبيِّ (ص) وعادوا بعدها خائبين، ذهبَ خِلسة إلى غارِ ثَورٍ في الليلةِ الثانيةِ يطمئنُ على رسولِ الله (ص) ومعه ضِرارُ بُن أبي هالة، وحينَ اطمئنَ عليه وزوَّده بالطعامِ والشرابِ وحملَ إلى الرسولِ (ص) ثمنَ الراحلةِ عادَ إلى مكةَ ليُنجزَ وصايا رسولِ الله (ص) ويردَّ ودائعَه إلى الناسِ.
11- وحينَ أنفذَ عليٌ (ع) وصايا رسولِ الله (ص) وردَّ ودائعَه أّزمعَ الرحيل بعد أنْ بلغَه أمرُ رسولِ اللهِ (ص) بالرحيل، وحمل معه الفواطمَ (فاطمةَ بنتَ رسولِ اللهِ (ص)، وفاطمةَ بنتَ أسد، وفاطمة بنتَ الزبيرِ بنَ عبد المطلب) ولحِقَ به بعضُ المستضعفينَ من المؤمنينَ، وحينَ أدركَه سبعةٌ من فرسانِ قريش وحاولوا منعَه من الرحيلِ قال (ع) لهم بعد مناوشاتٍ كانت بينَه وبينَهم تمخَّضتْ عن قتلِ عليٍّ (ع) لأحدِهم، قال لهم وسط ذهولٍ أصابَهم من قتلِ صاحبِهم: "إنِّي منطلقٌ إلى ابنِ عمِّي رسولِ اللهِ (ص) بيثربَ فمن سرَّه أنْ أفري لحمَه وأُهريقَ دمَه فليتبعني أو فليدنُ مني"(10).
12- وروى الكليني في الكافي أنَّ رسولَ اللهِ (ص) بلغَ المدنيةَ لاثني عشر خلونَ من شهرِ ربيعٍ الأول فنزل بقُبا، وأقام هناك بضعَة عشرَ يومًا ينتظرُ عليًًا، وقد استحثَّه المسلمون على النزولِ إلى مركزِ يثرب إلا انَّه كان يأبى عليهم ويقول: "ولستُ أُريمُ حتَّى يَقدِمَ ابنُ عمِّي وأخي في اللهِ عزَّ وجل، وأحبُّ أهلِ بيتي إليَّ، فقد وقاني بنفسِه من المشركين"(11) فبقيَ في منطقةِ "قُبا" منتظِرًا لعليٍّ (ع) وحينَ وصلَ عليٌّ (ع) ومعه الفواطمُ رحلَ معه إلى المدينةِ وبنى هناك مسجدَه الشريفَ.
13- بعد أنْ بنى الرسولُ (ص) مسجدَه الشريف، ومضى زمنٌ يقربُ من الخسمةِ أشهرٍ أو السبعةِ أشهرٍ آخى النبيُّ (ص) بين أصحابه واصطفى من بين أصحابه عليًّا (ع) فجعله أخًا له، وقد تواترت الأخبارُ في ذلك، منها ما ورد في المستدركِ وسننِ الترمذي بسندٍ معتبر عن ابنِ عمر قال: قال رسولُ الله (ص) لعليٍّ: "أنت أخي في الدنيا والآخرة"(12)، فكان رسولُ اللهِ (ص) وعليٍّ (ع) أخوين.
14- زوّجَ الرسولُ (ص) عليًّا من فاطمة (ع) في أوائلِ الهجرة، واختلفَ المؤرخون في تحديدِ ذلك الزمنِ، فبين مَن يقول أنَّ ذلك وقعَ بعد شهرينِ من الهجرةِ، وذكر الكلينيُّ أنَّ ذلك وقعَ بعد سنةٍ من الهجرة، وبعضُهم ذكر زمنًا آخر، هذا وقد كان قد تقدَّمَ لخطبةِ فاطمةَ (ع) جمعٌ من الصحابة إلا أنَّ الرسولَ (ص) كان يأبى عليهم ثم لمَّا زوَّجها عليًّا (ع) عاتبوه فأجابَ (ص) "ما أنا زوَّجتُه ولكنَّ اللهَ تعالى زوَّجه"(13) نصَّ على ذلك الفريقان.
15- في السنةِ الثانيةِ من الهجرةِ وبالتحديدِ في شهرِ رمضانَ المبارك في السابعِ عشر منه بعد ستَّة عشر شهرًا من الهجرةِ وقعت غزوةُ بدرٍ الكبرى والتي كانت منطلقَ الانتصاراتِ الإسلاميَّة، وقد كان علّيُّ بنُ أبي طالب (ع) هو الرجلَ الأولِ في هذه المعركةِ، فقد نصَّتْ أكثرُ الرواياتِ أنَّ عليًّا (ع) قتلَ النصفَ أو ما يقربُ من النصفِ من قتلى المشركينَ واشتركَ المسلمون في الباقي. وكان فيمنْ قتلَهم أصحابُ الألوية وأعيانُ قريشٍ وفرسانُهم أمثال الوليدِ بنِ عتبة، وحنظلةَ بنِ أبي سفيان، والعاصِ بن سعيد، ونوفلِ بن خويلد، وطُعيمةَ بنِ عدي.
16- وفي شوَّالٍ في السنةِ الثالثةِ من الهجرةِ وقعت غزوةُ أحدٍ، وكان النَّصرُ في أولِ الأمرِ للمسلمينَ بعد أنْ قتلَ عليٌّ أصحابَ الألويةِ وهم بنو عبدِ الدارِ وكانوا من أشدِّ قريشٍ بأسًا ثمَّ لمَّا التحمَ الجيشان كان عليٌّ فارسَ المعركة، فكانَ لا يتقدَّم إليه أحدٌ إلا بعجَه أو ضربَه على رأسِه بسيفِه وحينئذٍ انهزموا فكان النَّصرُ للمسلمين، وحينَها نزل أكثرُ الرماةِ خلافًا لأمرِ رسولِ اللهِ (ص) نزلوا لجمعِ الغنائمِ مع المسلمين فاستثمرَ المشركونَ هذه الفرصةَ فلملموا شملَهم وكرُّوا على المسلمين على حين غفلةٍ منهم وعندئذٍ انهزمَ المسلمون إلا القليل ممن ثبتَ وقُتِل أمثالُ الحمزة وأبي دجانة ومصعب بن عمير، وكانَ عليّ (ع) ممَّن ثَبُت، وكان همُّه الذبَّ عن رسولِ الله (ص) حتَّى أُثخنَ بالجراح، وقد ذكر المؤرخون أنَّ رسولَ الله (ص) كان يقول لعليٍّ -حين تقصدُه كتيبة من المشركين-: "اكفني هؤلاء" فينقضُّ عليهم كالصقرِ فينهزموا، فإذا ما قصدتْه كتيبةٌ أخرى تصدَّى لها عليٌّ (ع) حتى إذا ما يئسوا من الوصولِ إلى النبيِّ (ص) انصرفوا خائبين، وقد تظافرت الأخبارُ أنَّ عليًّا (ع) بعد هزيمةِ المسلمين كلَّما تكتَّل جماعةٌ من مشركي قريشٍ يقولُ له النَّبيُّ (ص): "احمل عليهم" فيحملُ عليهم ويقتلُ منهم فنزلَ جبرئيل (ع) على النبيِّ (ص) وقال له: "إنَّ هذه المواساةُ يا رسول الله" فقال له رسولُ الله (ص): "إنَّه منِّي وأنا منه" فقال له جبرئيل (ع): "وأنا منكما" وسمعوا صوتًا يقولُ: "لا سيفَ إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي"(14). قد تظافرت الأخبارُ في ذلك من جهةِ الفريقين.
17- ثم حدثتْ وقائعُ بين السنةِ الثالثةِ والخامسةِ من الهجرةِ كان عليٌّ (ع) هو فارسَها كما يشهدُ لذلك التاريخ، وفي السنةِ الخامسةِ وقعتْ غزوةُ الأحزابِ حيث تآزرَ مشركوا العربِ واليهودُ وزحفوا نحو المدينةِ، فخندَّق المسلمون أطرافَ المدينةِ فلم تفلحْ العربُ في اقتحامِه إلا أنَّ ثلاثةً من المشركين تمكَّنوا من اقتحامِه وكان على رأسِهم عمرو بن ودٍّ، وكان فارسًا معروفًا بالبأس والقوَّة فبرزَ إليه عليٌّ (ع) بعد أن نكلَ عن مبارزتِه أكثر المسلمين فما أسرع أنْ قتلَه عليٌّ (ع) فدبَّ الرعبُ في قلوبِ المشركينَ واليهودَ وانهزموا، ولذلك ورد أنَّ اللهَ كفى المؤمنينَ القتالَ بعليٍّ (ع) وورد في المستدركِ على الصحيحينِ عن سفيان الثوري بسندِه: أنَّ النبيَّ (ص) قال: "لَمبارزةُ عليٍّ لعمرو بن عبد ودٍّ يوم الخندقِ أفضلُ من أعمالِ أُمَّتي إلى يومِ القيامةِ"(15).
18- في السنةِ السادسةِ من الهجرةِ في مطلعِ ذي القعدةِ عزمَ الرسولُ (ص) على العمرة فأبت قريشُ على النبيِّ (ص) ومَن معه مِن المسلمينَ الدخولَ إلى مكةَ لأداء العمرة وبعد مفاوضات وقع صلحُ الحديبيَّةِ، وكان عليٌّ (ع) هو مَن كتبَ عقدَ الصلح.
19- وبعدَ صُلحِ الحديبيَّةِ وانكفاءِ الخطرِ من جانبِ قريش توجَّهَ الرسولُ (ص) إلى حصونِ خيبرَ السبعةِ التي كان يتحصَّنُ فيها ما يقربُ من الستةِ آلاف يهوديٍّ، ففتحَ عليٌّ (ع) بعضَ حُصونِها وانهارتْ حصونٌ أخرى وبقيَ حصنٌ واحدٌ يُعرفُ بحُصنِ القَموصِ وهو من أكثرِ حصونِهم مِنعةً لارتفاعِ أسوارِه واتَّساعِ مساحتِه وكثرةِ الفرسانِ والرماةِ المكلَّفينَ بحراستِه، وكان الرسولُ (ص) قد خلَّف عليًّا (ع) على الحصونِ المفتوحةِ، وتوجَّه بجيشِ المسلمين إلى حُصنِ القموصِ وعسكرَ قريبًا منه وأخذَ يبعثُ بالكتبةِ بعد الكتيبةِ لفتحِه وامتدَّ ذلك قرابةَ الستة والعشرينَ يومًا، وفي كلِّ يومٍ ترجعُ الكتيبةُ المكلَّفةُ بالفتحِ دون أنْ تتمكنَ من فتحِ الحُصنِ، بعدها وبعد أْن استعصى على المسلمينَ فتحُ الحصن، قال الرسولُ (ص) كما في صحيح البخاري وغيره وقد بدا على وجهِهِ الغضبُ وكان موعوكًا: "والله لأعطينَّ الرايةَ غدًا رجلًا يُحبُّ اللهَ ورسولَه ويحبُّه اللهُ ورسولُه كرَّارٌ غيرُ فرَّارٍ يفتحُ اللهُ على يديه"(16) فتطاولت لذلك الأعناقُ كلٌّ يطمحُ أنْ يكونَ ذلك الرجل، وفي غدِ ذلك اليوم بعثَ إلى عليٍّ (ع) فأعطاه الرايةَ وأمرَه بالمبادرةِ إلى فتح الحصنِ فما لبثَ أنْ عاد وقد فتحَ الحصنَ واقتلعَ بابَه اقتلاعًا، وكان لا يفتحُه إلا أربعون رجلًا، وكان قد قتل أبطالًا منهم وعلى رأسِهم مرحب، وانهار جيشُ اليهودِ فاستسلمَ أكثرُهم وفرَّ آخرونَ إلى جهةِ الشام.
20- وبعد فتحِ خيبر وقعتْ وقائعُ كان لعليٍّ (ع) السهمُ الأوفرُ منها، وحينَ نقضتْ قريشٌ عقدَ الصلحِ عزمَ النبيُّ (ص) على مقارعتِها فخرجَ لهم في عشرةِ آلافِ فارسٍ وكانَ اللواءُ الأعظمُ بيدِ عليٍّ (ع)، فكان فتحُ مكة في السنةِ الثامنةِ من الهجرةِ. وبعد أحداثِ الفتحِ تولَّى رسولُ الله (ص) ومعه عليُّ بن أبي طالبٍ (ع) تكسيرَ الأصنامِ التي كانت فوقَ الكعبةِ بعد أنْ حملَ عليًًا (ع) على كتفِه فألقى بالأصنامِ إلى الأرض فتحطَّمت.
21- وبعد فتحِ مكة وقعت غزوةُ حنين وكان المسلمون من الكثرةِ بحيثُ اطمئنوا بالنصرِ إلا انَّهم انهزموا في أولِ الأمرِ، وذلك لأنَّ قبيلةَ هوازِنَ ومَن معها من القبائلِ فاجئتهم بالحربِ فجرًا فلم يصمدْ مع رسولِ الله (ص) إلا نزرٌ يسيرٌ من المسلمينَ وقد أُشيعَ حينذاك أنَّ رسولَ الله (ص) قد قُتل، وكان عددُ من صمدَ مع رسول الله (ص) عشرةٌ كان عليٌّ في طليعتِهم، فكان كما يذكرُ المؤرخون يشدُّ على القومِ بين يدي النَّبيِّ (ص) وعن يمينه وشمالِه ويحصدُ الرؤوسَ ويصرعُ الأبطال ثم آبَ المسلونَ إلى رسولِ الله (ص) فكان النصرُ.
22- في السنةِ التاسعةِ من الهجرةِ في شهرِ رجب قرَّرَ النبيُّ (ص) مواجهةَ الرومِ بعد هزيمةِ مؤتة واستشهادِ جعفرِ الطيَّار وزيدِ بن حارثةَ، فعبَّأ جيشًا كبيرًا لذلك، وخلَّفَ عليًّا على المدينة، فنبزَه بذلك بعضُ المنافقين فخرجَ عليٌّ إلى رسولِ الله (ص) كأنَّه يطلبُ منه الرحيلَ معه فقال له رسولُ الله (ص) -كما ذكر أكثرُ المؤرخين-: "إنَّ المدينةَ لا تصلحُ -يعني في مثلِ هذا الظرف- إلا بِي أو بِك فأنتَ خليفتي في أهلِ بيتي ودارِ هجرتي وقومي، أما ترضى أنْ تكونَ منِّي بمنزلةِ هارونَ من موسى إلا أنَّه لا نبيَّ بعدي"(17). وهذه الرواية في فقرتِها الأخيرة بلغتْ من التواترِ حدًّا لم يجرأْ أحدٌ على إنكارِها(18).
23- عاد الرسولُ (ص) بعد ذلك من تبوك ولم يكن قد وقع فيها قتال، وظلَّ في المدينةِ يبعثُ بالسرايا لتأمينِ ما بقيَ من البؤر التي يُخشى منها على الإسلامِ في جزيرةِ العربِ، وكان ينتدبُ لذلك المائةَ والمأئتينِ من المسلمين فإذا ما فشلت سريةٌ في مهمتِها انتدبَ لذلك عليًا فيعودُ عندئذٍ ظافرًا، وكان عند عودتِه من غزوة ذات السلاسل أو ذات الرمل ونزولِ سورة العاديات في حقِّه خرجَ الرسولُ (ص) والمسلمونَ لاستقبالِه فترجَّلَ عليٌّ (ع) من على فرسِه إجلالًا لرسولِ الله (ص) فقال له النبيُّ (ص): "اركبْ فإنَّ اللهَ ورسولَه عنك راضيان" فاستبشرَ عليٌّ واغرورقتْ عيناه بالدموعِ ابتهاجًا، فقال له النبيُّ (ص): "لولا انَّي أُشفقُ أنَّ تقولَ فيك طوائفُ من أُمتي ما قالت النصارى في المسيحِ لقلتُ فيك مقالةً لا تمرُّ على ملأٍ من الناسِ إلا أخذوا الترابَ من تحتِ قدميك"(19). روى هذا الحديث الكلينيُّ في الكافي واسنده ابنُ أبي الحديد لعبد الله بنِ أحمد بن حنبل في المناقب ورواه غيرُهما أيضًا.
24- وفي السنةِ التاسعةِ من الهجرةِ نزلت سورةُ براءةَ على قلبِ رسولِ الله (ص) وكُلِّف بتبليغها أهلَ مكة ثم نزل جبرئيلُ وأخبرَ النبيَّ أنَّ الله يأمره أنَّ يبلّغها بنفسه أو يبلغُها رجلٌ منه فأمرَ عليًًا أنَّ يرحلَ ويأخذها ممن أوعزَ إليه النبيُّ (ص) بتبليغِها، فأدركَه عليٌّ (ع) وهو في وادي ذي الحليفة فأخذَها منه، وقام بتبليغِها في الموسمِ، وهذا المقدارُ من الحديثِ اتَّفق المسلمونَ على نقلِه.
25- وفي السنةِ العاشرةِ أو التاسعة قدم وفدُ نصارى نجران ونزلتْ آيةُ المباهلةِ التي وصفت عليًّا بأنَّه نفسُ رسولِ اللهِ (ص) وفي ذاتِ السنةِ أعلنَ الرسولُ (ص) في المسلمين عن عزمِه الحجَّ في هذا العام فتقاطرَ المسلمونَ من أنحاءِ الجزيرةِ العربيَّةِ إلى المدينةِ ليحجُّوا بحجِّ رسولِ الله (ص) وكان عليٌّ (ع) في اليمنِ أو نجران في مهمةٍ بعثَه بها الرسولُ (ص) فأرسل إليه أنَّ يوافيَه إلى مكةَ حاجًا فلَّما أنجزَ عليٌّ مهمتَه أقفلَ إلى مكَّة الشريفة، ودخلَها بمن كان معه محرمًا، فانبرى جماعة ممن كانوا معه في السرية فزعموا أنَّ عليًّا (ع) أغلظَ عليهم، لأنَّهم لبسوا بعض الحُلَلِ التي كانت من الأموالِ العامةِ دون مراجعة عليٍّ ودون إذنِ رسول الله (ص) وزعموا انَّ القائدَ الموكَّلَ من قِبلِ عليٍّ قد أذن لهم، فألزمهم عليٌّ (ع) بردِّها حتى يوافوا رسولَ الله (ص) ويستأذنوه، لذلك غضبوا وتنقَّصوا من عليٍّ (ع) فحينَ بلغَ رسولَ الله (ص) ذلك قام خطيبًا فيهم وقال: "ارفعوا ألسنتَكم عن عليٍّ فإنَّه خشِنٌ في ذاتِ اللهِ غيرُ مداهنٍ في دينِه"(20).
26- ثم لمَّا أنْ قضى رسولُ اللهِ (ص) مناسكَه وكان في طريقِه إلى المدينةِ في منطقةٍ يُقالُ لها غديرُ خُم نزلَ عليه جبرئيلُ بهذه الآية ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾(21). فجمعَ رسولُ الله (ص) الناسَ وكانوا كما ذكر ابنُ الجوزي مائةً وعشرين صحابيًا وخطَبهم فقال فيما قال: "إنَّ اللهَ مولاي وأنا مولى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنة"(22) ثم أخذَ بيدِ عليٍّ (ع) ورفعَها وقال: "من كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه اللهمَّ وآلِ مَن والاه وعادِ من عاداه"(23) وقال ابن الجوزي أنَّ حادثةَ الغديرِ اَّتفق على نقلِها كلُّ المسلمين.
27- ثم إنَّ رسولَ الله (ص) أمرَ أنَّ تُضربَ قُبة لعليٍّ (ع) وأمرَ المسلمين أنَّ يدخلوا عليه ويسلِّموا عليه بأُمرةِ المؤمنينَ، فكان فيمَن دخلَ عليه نساءُ النبيِّ (ص) حيثُ كنَّ جميعًا برفقةِ النبيِّ (ص) في موسمِ الحجِّ، ودخلَ عليه وجوهُ الصحابةِ وبايعوه، وقال له أحدُهم: "بخِ بخِ لك يا عليُّ أصبحتَ مولاي ومولى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ"(24).
28- كانت لرسولِ الله (ص) في يوم الغديرِ خطبةٌ طويلةٌ جاءَ فيها: "إنـِّي تاركٌ فيكم الثقلين كتابَ اللهِ وعترتي أهلَ بيتي، فأنظروا كيفَ تخلّفوني فإنَّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض"(25). وقد أجمعَ الفريقان على نقلِ هذا الخبر بطرقٍ صحيحةٍ ومتواترةٍ.
29- رجعَ النبيَّ (ص) إلى المدينةِ فقضى فيها بقيةَ أيامِه وكانت شهرين وتزيدُ قليلًا وفي هذه الفترةِ عبأ جيشَ اسامة وأمره بمبادرةِ النفير وضمَّ إليه وجوهَ الصحابةِ وأبقى عليًا (ع) معه إلا أنَّ الكثيرَ منهم استنكفوا فشدَّدَ عليهم الأمرَ بالرحيل معه فخرجوا حياءً ثم عادوا محتجِّين بخشيتِهم عليه، وذلك لمرضِه (ص) وحين اجتمعوا عنده قال لهم بعد أنّ وبَّخهم على عدم إنفاذِ جيشِ اسامة، قال لهم: "أيتوني بدواةٍ وصحيفةٍ أكتبُ لكم كتابًا لا تضلونَ بعده" فتلكأ من تلكأ وأبى من أبى وشغبوا على من أراد المبادرةَ للاستجابةِ، وقال بعضُهم "إنَّ النبيَّ يهجرُ!!!". وقد أجمعَ الفريقان على نقلِ هذا الحديث كالبخاري في صحيحه، وتُعرفُ هذه الواقعةُ برزيةِ الخميس.
30- وكان عليٌّ (ع) حينذاك لا يفارقُ رسولَ الله (ص) إلا لضرورةٍ أو للقيام ببعض شئونِ رسولِ الله (ص)، وفي آخرِ ساعاتِه (ص) أفاقَ فلم يجد عليًًا فقال: "ادعوا لي أخي وصاحبي" فقالتْ أمُّ سلمةَ ادعوا له عليًا إنَّه لا يريدُ غيرَه، فلمَّا دنا عليٌّ منه أومأ إليه فأكبَّ عليه فناجاه رسولُ الله (ص) طويلًا. فقيل لعليٍّ (ع) بعد ذلك ما الذي أوعز إليك يا أبا الحسن فقال (ع): "علّمني ألفَ بابٍ من العلمِ يَفتحُ لي كلُّ باب ألفَ بابٍ، وأوصاني بما أنا قائمٌ به إنْ شاءَ الله"(26).
31- ثم إنَّ رسولُ الله (ص) قال لعليٍّ (ع): "يا علي ضع رأسي في حِجرِك فقد جاء أمرُ اللهِ عزَّ وجل، فإذا فاضت نفسي فتناولْها بيدِك وامسحْ بها وجهَك"(27) ثم فاضتْ روحُ رسول الله (ص) إلى بارئها ورأسُه على صدرِ عليٍّ (ع)، يقول (ع) في نهج البلاغة: "لقد قُبض رسولُ الله (ص) وإنَّ رأسَه لعلى صدري، ولقد ولَيْتُ غُسلَه والملائكةُ أعواني"(28).
فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعونَ
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ / إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ / وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا / فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾(29)
خطبة الجمعة - الشيخ محمد صنقور
14 من رجب 1437هـ - الموافق 22 أبريل 2016م
جامع الإمام الصّادق (عليه السلام) - الدّراز
1- سورة النحل / 30.
2-المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج 3 ص 483.
3- نهج البلاغة -خطب الإمام علي (ع)- ج 2 ص 157.
4- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 22 ص 435، سير أعلام النبلاء -الذهبي- ج 23 ص 79، ينابيع المودة لذوي القربى -القندوزي- ج 1 ص 195.
5- مناقب آل أبي طالب -ابن شهر آشوب- ج 1 ص 299، بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 38 ص 204، الموضوعات -ابن الجوزي- ج 1 ص 340، أسد الغابة -ابن الأثير- ج 4 ص 18.
6- الأمالي -الشيخ الطوسي- ص 583، تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج 42 ص 49، تاريخ الطبري -محمد بن جرير الطبري- ج 2 ص 63.
7- "أو تسلمن بمبيتي هناك يا نبي الله؟ قال: نعم، فتبسم علي عليه السلام ضاحكا، وأهوى إلى الأرض ساجدا، شكرا لما أنبأه به رسول الله (ص) من سلامته، فكان علي (ع) أول من سجد لله شكرا، وأول من وضع وجهه على الأرض بعد سجدته من هذه الأمة بعد رسول الله (ص)، فلما رفع رأسه قال له: امض لما أمرت، فداك سمعي وبصري وسويداء قلبي، ومرني بما شئت أكن فيه كمسرتك واقع منه بحيث مرادك، وإن توفيقي إلا بالله". بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 19 ص 60.
8- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 28 ص 80.
9- مناقب آل أبي طالب -ابن شهر آشوب- ج 1 ص 339.
10- "فإني منطلق إلى ابن عمي رسول الله (ص) بيثرب، فمن سره أن أفري لحمه وأريق دمه فليتعقبني أو فليدن مني" الأمالي -الشيخ الطوسي- ص 471.
11- الكافي -الشيخ الكليني- ج 8 ص 339.
12- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج 3 ص 14، سنن الترمذي -الترمذي- ج 5 ص 300.
13- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 20 ص 92، تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج42 ص 126، تاريخ اليعقوبي -اليعقوبي- ج2 ص41.
14- الكافي -الشيخ الكليني- ج 8 ص 110، تاريخ الطبري -محمد بن جرير الطبري- ج 2 ص 197.
15- المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج 3 ص 32.
16- قال النبي (ص) يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. صحيح البخاري -البخاري- ج 4 ص 20. تحف العقول عن آل الرسول (ص) -ابن شعبة الحراني- ص 345.
17- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 21 ص 207.
18- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 21 ص 207. سنن الترمذي -الترمذي- ج 5 ص 302، السنن الكبرى -أحمد بن الحسين البيهقي- ج 9 ص 40.
19- الكافي -الشيخ الكليني- ج 8 ص 57.
20- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 21 ص 385.
21- سورة المائدة / 67.
22- كمال الدين وتمام النعمة -الشيخ الصدوق- ص 238.
23- معاني الأخبار -الشيخ الصدوق- ص 67.
24- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 21 ص 388.
25- "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وهما الخليفتان من بعدي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض" كمال الدين وتمام النعمة -الشيخ الصدوق- ص 64، بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 23 ص 126. مسند أحمد -الإمام أحمد بن حنبل- ج 3 ص 14، المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج 3 ص 148.
26- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 22 ص 470.
27- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج 22 ص 470.
28- نهج البلاغة -خطب الإمام علي (ع)- ج 2 ص 172.
29- سورة النصر.