اِصطحابُ الخاتم إلى بيت الخَلاء
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
ما حكمُ دخول دورة بيت الخلاء بخاتم فصُّه من العقيقِ أو أحد الأحجارِ الكريمة؟
الجواب:
الواردُ هو كراهةُ اصطحاب الخاتمِ إلى بيتِ الخلاء إذا كان عليه اسمُ الله تعالى أو شيءٌ من القرآن، وكذلك يُكرهُ اصطحابُه وقتَ الجماع.
فممَّا ورد في ذلك موثَّقةُ عمَّار الساباطي عن أبي عبدالله (ع): "لا يمسُّ الجنبُ دِرهماً ولا ديناراً عليه اسمُ الله، ولا يستنجي وعليه خاتمٌ فيه اسمُ الله، ولا يُجامع وهو عليه، ولا يدخلُ المَخرجَ وهو عليه"(1).
ومنه: ما ورد عن أبي أيُّوب قال: "قلتُ لأبي عبد الله (ع) أدخلُ الخلاءَ وفي يدي خاتمٌ فيه أسماءُ الله؟ قال: لا، ولا تُجامع فيه"(2).
ومنه: ما ورد في رواية عليِّ بن جعفر عن أخيه الإمام موسى بن جعفر(ع) قال: "سألتُه عن الرجل يُجامعُ ويدخلُ الكنيف وعليه الخاتمُ فيه ذكرُ الله أو شيءٌ من القرآنِ أَيصلحُ ذلك؟ قال (ع): لا"(3).
وثمة رواياتٌ أُخرى اشتمل جميعُها على تحديد موضوع النهي والكراهةِ بما لوكان الخاتمُ مكتوباً عليه اسمُ الله تعالى أو شيءٌ من القرآن، نعم أورد الكلينيٌّ في الكافي روايةً اشتملت على الأمرِ بنزع الخاتم حين الاِستنجاء إذا كان فصُّه من زمرُّد، وهذه الرواية هي مضمرةُ عليِّ بن الحسين بن عبد ربِّه قال، "قلتُ له: ما تقولُ في الفصِّ يُتَّخذُ من حجارة زمرُّد؟ قال: لا باسَ به، ولكنْ إذا أرادَ الاستنجاء نزعَه"(4).
فالروايةُ لم تُقيِّد الأمرَ بالنزعِ بما لو كان مكتوباً على الخاتمِ اسمُ اللهِ تعالى أو شيءٌ من القرآن، وعليه يكونُ مقتضاها هو رجحانَ النزعِ مُطلقاً حين الاستنجاء وإنْ لم يكن منقوشاً على الخاتم شيءٌ من أسماء الله أو القرآن إلا أنَّ ذلك مختصٌّ بحجر الزمرُّد دون سائر الأحجار الكريمة إلا أنْ يُدَّعى الإلغاء للخصوصيَّة وأنَّ منشأ الأمر بنزعِها هو شرافتُها وأنَّها من الأحجار التي يُسنُّ التختُّمُ بها، فلو تمَّت هذه الدعوى وأمكن استظهارُها لكان ذلك مقتضياً للبناء على رجحان النزع لمطلقِ الأحجار الشريفة التي ورد استحبابُ التختُّم بها كالعقيق والفيروزج بل يكون الرجحان للنزع لمثل العقيق أولى منه في الزمرُّد، وذلك لاستفاضة ما ورد في شرافته واستحباب التختُّم به. نعم ما تقتضيه الروايةُ والإلغاءُ لخصوصيَّة حجر الزمرُّد هو رجحان نزع الخاتمِ المزيَّن بأحد الأحجار الكريمة حين الاستنجاء وليس حين الدخول إلى بيت الخلاء والذي هو مفروض البحث.
ثم إنَّ الاستدلالَ بالرواية حتى على هذا المقدار مبنيٌّ على ما ورد في نسخة الكافي من الأمر بنزع الخاتم المتَّخذ من حجر الزمرُّد، وأمَّا بناءً على نسخة التهذيب للشيخ الطوسي وكذلك بعض نسخ الكافي فإنَّ الخاتم المأمور بنزعِه حين الاستنجاء هو المتَّخذ من أحجار زمزم، فما ورد في نسخة التهذيب هو كلمة "زمزم" بدلاً من كلمة "زمرُّد" وحينئذٍ يصعب التعدِّي منها إلى سائر الأحجار، وذلك لاحتمال أنَّ الامر بنزعِها حين الاستنجاء هو حرمتُها المكتَسبة من مجاورتِها للبيت الحرام أو لأنَّها من أحجار الحرم، ولعلَّ ما يُؤيد نسخة التهذيب هو سؤالُ السائل عن حكم اِتِّخاذ فصِّ الخاتم من هذه الأحجار، فلو كان المسئول عنه هو حجر الزمرُّد لكان مستغَرباً، وذلك لوضوح جواز اتِّخاذ فصِّ الخاتم من حجر الزمرُّد، وهذا بخلاف ما لو كان المسئول عنه هي أحجار زمرم فإنَّ شبهة الحرمة واردة، نظراً لكونِها من أحجار المسجدِ الحرام أو من أحجار الحرم إلا أنَّ ما يُؤيد نسخة الكافي مضافاً إلى أنَّ ذلك هو ما عليه أكثر النسخ وقد أورده أعاظمُ السلف وأكابرُ الخلفِ في كتبِهم كما أفاد صاحبُ الرياض، فمضافاً إلى ذلك هو عدم تعارف إتِّخاذ الفصوص من أحجار زمزم.
وكيف كان فإنَّ شيئاً من هذه الوجوه لا يُوجب اِحراز ماهو الصادر، ولذلك لا يصحُّ الاحتجاج بها على رجحان النزع -حين الاستنجاء- لحجر الزمرُّد ولا للحجر المتَّخذ من زمزم.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج1 / ص331.
2- وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي- ج1 / ص330.
3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج1 / ص333.
4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج1 / ص359.