آياتُ السجدة الواجبة والمستحبة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وآل محمد
المسألة:
ما هي آيات السجدة الواجبة وآيات السجدة المستحبَّة؟
الجواب:
أمّا الآيات التي يجبُ السجودُ عند تلاوتِها أو الاستماعِ إليها فهي أربع:
الأولى: قوله تعالى من سورة السجدة: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾(1).
الثانية: قوله تعالى من سورة فصلت: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾(2).
الثالثة: قوله تعالى من سورة النجم: ﴿فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا﴾(3).
الرابعة: قوله تعالى من سورة العلق: ﴿كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾(4).
ويُعبَّر عن السُورِ المشتملةِ على آيات السجدةِ الواجبة بسُورِ العزائمِ الأربع. وقد استفاضت الروايات الدالَّة على وجوب السجود عند تلاوتها مع التصدِّي لتسميتها والتوصيف لها بالعزائم والذي هو تعبير آخر عن الوجوب، فمن ذلك صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "إذا قرأت شيئا من العزائم التي يسجد فيها فلا تكبر قبل سجودك ولكن تكبر حين ترفع رأسك. والعزائم أربع: حم السجدة، وتنزيل، والنجم، واقرأ باسم ربك"(5).
ومنه: صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "سألتُه عن الرجل يُعلِّم السورة من العزائم فتُعاد عليه مرارًا في المقعد الواحد؟ قال: عليه أنْ يسجد كلَّما سمعها، وعلى الذي يُعلِّمه أيضًا أنْ يَسجُد"(6).
وأمَّا الآيات التي يستحبُّ السجود عند تلاوتها أو الاستماع إليها فهي إحدى عشرة آية:
1- قوله تعالى من سورة الأعراف: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾(7).
2- قوله تعالى من سورة الرعد: ﴿وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾(8).
3- قوله تعالى من سورة النحل: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾(9).
4- قوله تعالى من سورة بني إسرائيل (الإسراء): ﴿وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾(10).
5- قوله تعالى من سورة مريم: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾(11).
6- قوله تعالى من سورة الحجَّ: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء﴾(12).
7- قوله تعالى من سورة الحجَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾(13).
8- قوله تعالى من سورة الفرقان: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا﴾(14).
9- قوله تعالى من سورة النمل: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾(15).
10- قوله تعالى من سورة ص: ﴿قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾(16).
11- قوله تعالى من سورة الانشقاق: ﴿وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ﴾(17).
هذه هي الآيات التي نصَّ الفقهاء على استحباب السجود عند تلاوتها أو الاستماع إليها، وقد أفاد صاحبُ الجواهر انُّه لم يجد خلافًا بيننا في ذلك ثم قال: "بل في ظاهر التذكرة وعن صريح الخلاف الاجماع عليه، بل في الثاني أنَّ عليه إجماع الأمة إلا في موضعين (ص) والسجدة الثانية في الحج"(18).
ولم أقف على روايةٍ نصَّت على تسمية الآيات التي يستحبُّ السجود عند تلاوتها أو الاستماع إليها، والوارد في الروايات هو استحباب السجود عند كلِّ آيةٍ في القرآن فيها سجدة كرواية جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنَّ أبي عليَّ بن الحسين (عليه السلام) ما ذَكر لله نعمةً عليه إلا سجد، ولا قرأ آيةً من كتاب الله عزَّ وجلَّ فيها سجدة إلا سجد .."(19).
ورواية محمد بن مسلم -كما في مستطرفات السرائر-: ".. وكان عليُّ بن الحسين (عليه السلام) يُعجبُه أنْ يسجدَ في كلِّ سورةٍ فيها سجدة"(20).
فدليلُ استحباب السجود في الإحدى عشر موردًا هو عمومات ما دلَّ على استحباب السجود عند تلاوة كلِّ آيةٍ في القرآن فيها سجدة، وأمَّا تسمية الآيات فمأخوذٌ من احصاء الفقهاء من الفريقين للآيات التي فيها سجدة، واستظهر صاحب الجواهر(21) أنَّ هذه المواضع المسنونة قد تمَّ التلقِّي لها عمليًا من النبيِّ (ص) والأئمة (ع) والصحابة والتابعين وتابعي التابعين، ويُمكن أن يُستأنس ذلك مِن مثل خبر أبي بصير قال: قال إذا قُرئ بشيء من العزائم الأربع فسمعتَها فاسجدْ، وإنْ كنت على غير وضوء وإنْ كنت جنباً، وإنْ كانت المرأة لا تُصلِّي، وسائرُ القرآن أنتَ فيه بالخيار إنْ شئتَ سجدتَ وإنْ شئتَ لم تسجد"(22) فإنَّ الظاهر من قوله: "وسائر القرآن أنتَ فيه بالخيار" هو معروفيَّة الموارد التي فيها سجدة.
وكذلك هو المُستظهَر من مثل رواية الطبرسي في مجمع البيان عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "العزائم ألم تنزيل وحم السجدة والنجم واقرأ باسم ربك، وما عداها في جميع القرآن مسنونٌ وليس بمفروض"(23).
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- سورة السجدة / 15.
2- سورة فصلت / 37.
3- سورة النجم / 62.
4- سورة العلق / 19.
5- الكافي -الشّيخ الكليني- ج3 / ص317.
6- تهذيب الأحكام -الشّيخ الطّوسيّ- ج2 / ص293.
7- سورة الأعراف / 206.
8- سورة الرعد / 15.
9- سورة النحل / 49-50.
10- سورة الإسراء / 109.
11- سورة مريم / 58.
12- سورة الحج / 18.
13- سورة الحج / 77.
14- سورة الفرقان / 60.
15- سورة النمل / 26.
16- سورة ص / 24.
17- سورة الانشقاق / 21.
18- جواهر الكلام -الشيخ الجواهريّ- ج10 / ص 210.
19- وسائل الشّيعة -الحرّ العامليّ- ج6 / ص244.
20- وسائل الشّيعة -الحرّ العامليّ- ج6 / ص244.
21- جواهر الكلام -الشيخ الجواهريّ- ج10 / ص212.
22- الكافي -الشّيخ الكليني- ج3 / ص318.
23- وسائل الشّيعة -الحرّ العامليّ- ج6 / ص242.