إقـامةُ الأربعينيَّة على غير الإمام الحسين (ع)

المسألة:

شيخنا الكريم ثمة ظاهرةٌ بدأتْ في الانتشار على نطاقٍ واسعٍ في الوسط الاجتماعي، وهي قيامُ بعض المؤمنين بتجديد العزاءِ على الميِّت في يوم الأربعين مِن وفاتِه، فهل تصحُّ هذه الممارسة شرعاً؟

الجواب: 

المُستفادُ من الروايات الواردةِ عن أهلِ البيت (ع) أنَّ الحِداد والعزاءَ على الميِّت ثلاثةَ أيامٍ، فقد ورد عن الإمام الصادق (ع): "ليس لأحدٍ أنْ يحدَّ أكثرَ من ثلاثة أيام"(1)، ونقل الشيخ الصدوق عن الباقر (ع) أنَّه قال: "يُصنع للميِّت مأتمٌ ثلاثةَ أيامٍ من يوم مات"(2).

وقد أفتى الكثيرُ من الفقهاء بكراهةِ التعزية بعد اليومِ الثالث خصوصًا إذا كانت التعزيةُ موجبةً لتجديد الحُزن على أهل المصيبةِ.

وأمَّا إقامةُ العزاءِ على الميِّت يوم الأربعين مِن وفاتِه فلم ترِدْ فيه سُنَّةٌ ولم يفعلْه أحدٌ من أهلِ البيت (ع) ولا مِن أصحابِهم والمعاصرينَ لهم من السلفِ الصالح، نعم ثبتَ بالدليل المُعتبَر استحبابُ زيارةِ الإمام الحسين (ع) يوم الأربعين من استشهادِه واستحبابُ إقامة العزاء عليه بل إنَّ استحباب ذلك ثابت في كلِّ زمانٍ ومكان.

وعليه فإنَّ إقامةَ العزاءِ على الميِّت في يومِ الأربعين مِن وفاته بقصدِ الاستحباب والخصوصيَّة لا تصحُّ وتُعدُّ من التشريع المنهيِّ عنه.

نعم لا بأس بالإجتماع لقراءة القرآنِ والدعاءِ للميِّت وذكرِ أهل البيت (ع) ولكن لا ينبغي أنْ يتحدَّدَ ذلك بوقتٍ حتى لا يتوهَّمَ الناس بأنَّ إقامة الأربعينيَّة للميِّت من السُنَّة.

فإذا أراد المؤمنون أنْ يُقيموا مجلسًا لميِّتهم يُتلى فيه القرآنُ ويُذكرُ فيه أهلُ البيت (ع) فليكنْ ذلك في أوقاتٍ متفرِّقة، إذ أنَّ في انتظام الوقتِ وتحديدِه بالأربعين مساهمةً في إيهام الناس باستحباب ذلك بنحو الخصوص والحال أنَّ الأمر ليس كذلك.

أرجو أنْ يَتفهَّم المؤمنون ما ذكرناه ويراقبوا ربَّهم فيما يفعلون ويُمارسون.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور

3 / صفر / 1427هـ


1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج3 / ص271.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج3 / ص236.