شمول قاعدة: (من بلغ) للروايات المحتملة للوضع؟
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
هل يُمكن القولُ بأنَّ الروايات الواردة في فضائل السُور الموجودة في الكتب المتأخِّرة كتفسير البرهان للسيد البحراني موضوعة أو محتملة الوضع بحيث لا تشملها أدلَّة من بلغ لخلوِّ الكتب القديمة منها على كثرتِها؟ أو أنَّ هذه القرينة لا تصلحُ لذلك؟
الجواب:
لا سبيل إلى الجزم بوضعِ الرواية وأنَّها مكذوبةٌ لمجرَّد عدم العثور عليها في الأصول الحديثيَّة وكتب الفقه والتفسير القديمة، وذلك لاحتمال أنْ تكون الرواية منقولةً من أحد الأصول الحديثيَّة أو المصنَّفات التي تمَّ فقدُها، فإنَّ الكثير من الكُتب فُقدت لعواملَ عديدة، منها ما وقع من الظلم والبغي على شيعة آل محمد (ص) وعلمائِهم فأُحرقت وأُغرقت وصُودرت الكثيرُ من المكتبات المشتملة على الكثير من النفائس كالذي وقع في أيام السلاجقة في العراق والقرامطة في هجر والأيوبيين في مصر والمغرب العربي، وكذلك فإنَّ للزمن وتقادمِه وضعفِ وسائل الحفظ والتكثير لنسخ كلِّ كتاب بالغَ الأثر في ضياع الكثير من الأُصول والمصنَّفات، لهذا لا يُمكن الجزم بوضع الرواية ووصفِها بالمكذوبة لمجرَّد عدم العثور عليها في الأُصول والمصنَّفات المتداولة، نعم لا سبيل للحكم بصحَّتِها بعد فقدان طريق التوثُّق من ذلك، فالروايةُ التي تكون كذلك هي بحكم المرسلة الغير قابلة للتعويل عليها، ولكنَّها رغم ذلك تكون مشمولةً لقاعدة (مَن بلغ).
نعم يُمكن الحكمُ على الرواية بالوضع لو كانت مشتملةً على مضامين منافيةٍ للكتاب المجيد أو السنَّة القطعيَّة أو منافيةٍ لما ثبَت من الدين بالضرورة أو منافيةٍ للمدرَكات العقليَّة القطعيَّة أو قامت القرائن الخاصَّة على أنَّها موضوعة إلا أنَّ ذلك لا يختصُّ بالروايات التي لم نقف على مأخذها بل يشملُ ما هو منقولٌ في الأصول الحديثيَّة والمصنَّفات المتداولة.
وأمَّا احتمال الوضع فهو واردٌ خصوصاً في الروايات التي لا سبيل إلى الوقوف على مأخذها إلا أنَّه يظلُّ احتمالاً يقوى ويضعف بحسب اختلاف الموارد ولكنَّه نظراً لعدم القطع بالوضع فإنَّ قاعدة (مَن بلغ) تكون جاريةً في مثل هذه الروايات شأنُها في ذلك شأنُ كلِّ روايةٍ ضعيفةِ السند فإنَّها كذلك تكون محتملةً للوضع ورغم ذلك لا يكون الاحتمال مانعاً من جريان القاعدة.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور