الأكلُ والشربُ على الجنابة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
ما هو حكمُ الأكل قبل الغسل من الجنابة؟
الجواب:
حكم الأكل والشرب على الجنابة مكروهٌ إلا أنْ يتوضأ أو يتمضمض ويستنشق ويغسل يدَه ووجهه، فإنَّه إنْ فعل ذلك ذهبتِ الكراهة عن الأكل أو ذهبت مرتبةٌ من الكراهة، والمرتبةُ من الكراهة التي تذهبُ مع الوضوء أعلى من المرتبة التي تذهبُ بما دون الوضوء. وقد وردت رواياتٌ عديدة في كراهة الأكل والشرب للجُنُب:
منها: ما رواه الصدوق في حديث المناهي قال (ع): "نهى رسولُ الله (ص) عن الأكل على الجنابة، وقال: إنَّه يورثُ الفقر"(1).
ومفاد الرواية -ظاهراً -أنَّ الأكل على الجنابة خلافاً للسنَّة يكون من مقتضيات سلب التوفيق لسعة الرزق، وهذا الأثر بناءً على تماميَّة الرواية اقتضائي بمعنى أنَّ الأكل على الجنابة ليس علةً تامَّة لحصول الفقر وضيق الرزق وإنَّما هو مقتضٍ لذلك. كما أنَّه ليس أثراً فورياً كما هو المستفاد من قوله: "يورث" فإنَّ معنى "يورث" هو أنَّه يُنتج في المآل الفقر ما لم يتداركه الله برحمته لخصال هو عليها أو عمل صالحٍ يفعله فإنَّ ذلك قد يمنع من تحقق الأثر المذكور، وهذا هو معنى ما ذكرناه من أنَّ الأثر المكور اقتضائي.
ومنها: ما رواه الكافي عن السكوني عن الصادق (ع) قال: "ولَا يَذُوقُ -الجُنُب- شَيْئاً حَتَّى يَغْسِلَ يَدَيْه ويَتَمَضْمَضَ فَإِنَّه يُخَافُ مِنْه الْوَضَحُ"(1).
ومعنى الوَضح هو البرص أو الأثر يظهر على الجلد، ومعنى أنَّه يُخاف عليه هو أنَّ وقوع هذا الأثر ليس حتميَّاً ولكنَّه لو فعل ذلك فإنَّه يكون في معرَض الإصابة بهذا الداء تماماً كما يُقال إنَّ من استحمَّ بالماء البارد فإنَّه يُخاف عليه من الحمَّى فإنَّه قد لا يُصاب بالحمَّى رغم استحمامه بالماء البارد، فمفاد الرواية هو التحذير ممَّا قد يترتب عن الأكل على الجنابة من تبعات صحيَّة.
ومنها: ما رواه الصدوق في الفقيه عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: "إذا كان الرجلُ جُنُباً لم يأكلْ ولم يشربْ حتى يتوضأ"(3).
والنفي في الرواية سِيق لغرض الإنشاء والطلب وعليه فمفادُ الرواية هو نهي الجُنب عن الأكل والشرب قبل أن يتوضَّأ.
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- من لايحضره الفقيه -الصدوق- ج4 / ص3.
2- الكافي -الكليني- ج3 / ص51.
3- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج2 / ص219.