معنى قاعدة الجبِّ والهدم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
ما هو المقصود من قاعدة الجبِّ والهدم في الإسلام؟
الجواب:
قاعدة الجبِّ والهدم من القواعد الفقهية المستندة إلى ما رُوي عن الرَّسول الكريم (ص): "الإسلام يجبُّ ما قبله"(1) وما رُوي عنه (ص): "إنَّ الإسلام يهدمُ ما قبله"(2) واستدلَّ عليها البعض مضافًا لذلك بقوله تعالى: ﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ﴾(3).
ومفاد القاعدة: أنَّ الذنوب والتجاوزات للحقوق الإلهيَّة الصادرة من الإنسان حين كفره تسقط تبعاتُها الدنيويَّة والأخرويَّة عنه بعد أن يُسلِم، فإذا كان قد زنى أو شرب الخمر حال كُفره مثلاً فإنَّه لا يُقام عليه الحدُّ بعد إسلامه كما أنّه لا يُعاقَب على ذلك يوم القيامة، وكذلك فإنَّه لا يجبُ عليه قضاء ما فاته من صلواتٍ وصيام بعد إسلامه ولا يُحاسَب عليها يوم القيامة.
فمعنى أنَّ الإسلام يجبُّ ما قبله هو أنَّه يقطع -عمَّن أسلم- صلته بتبعات ذنوبه وتجاوزاته التي وقعت منه في حال كُفره، فكأنَّه لم يرتكب ذنبًا، ولم يتجاوز حقًّا إلهيًّا. وهذا هو معنى الهدم المساوق لمعنى النفي وإزالة التبِعات.
وهذه القاعدة لا تشمل حقوق النَّاس، فلو كان عليه دَيْن حال كُفره فإنَّه لا يسقطُ عنه بإسلامه، وكذلك لو كان قد سرق من أحدٍ مالاً فإنَّه ملزمٌ بإرجاعه وإنْ كان لا يُقام عليه حدُّ القطع، لأنَّ القطع عقوبةٌ مجعولة على السارق لذلك فهي تسقط عنه بالإسلام، وأمَّا المال المسروق فهو حقّ للمسروق منه، لذلك فهو لا يسقط بالإسلام.
ولمزيد من التفصيل والتوضيح يمكنكم مراجعة ما بيناه في كتاب "توضيح القواعد الفقهية".
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- مستدرك الوسائل -الميرزا النوري- ج11 / ص365 / من أبواب جهاد النفس / حديث 7، تفسير القمي -علي بن إبراهيم القمي- ج1 / ص148.
2- شرح الأخبار-القاضي النعمان المغربي- ج2 / ص317.
3- سورة الأنفال / 38.