معنى: (الوتر الموتور)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
ما المقصود بـ (الوتر الموتور) في زيارة الإمام الحسين (ع)؟
الجواب:
يُطلق لفظ الوتر ويُراد منه الفرد، فحينما يُقال عن الله تعالى أنَّه وتْر فمعناه أنَّه فردٌ واحد ليس له شريك ولا مثيل ولا شبيهَ له في صفاته العليا وأسمائه الحسنى.
ومعنى أنَّ الحسين (ع) وِتْرٌ هو أنَّه بقي وحيدًا فريدًا ليس معه من أحدٍ يذبُّ عنه وينتصرُ له في عسكرٍ يُناهز عدده الثلاثين ألفًا ليس فيهم إلا من هو غشوم ظلوم يودُّ لو قُطِّع الحسين (ع) أوصالًا ثم كان منهم ما أمَّلوا. أو أنَّ المراد من كونه (ع) وترًا هو أنَّه لا شبيه ولا نظير له فيما كان قد وقع عليه، فهو وحده في تاريخ الرسالات الذي اجتمعت عليه كلُّ تلك العظائم، لذلك فشهادتُه التي حظِيَ بها ليس لها من نظير ولم تتفق لواحدٍ من الأنبياء أو الأوصياء، فليس من أحدٍ في تاريخ الإنسان قد تظافر على قتله ثلاثون ألف رجلٍ مجتمعين وهو وحده في وسطهم ليس له من ظهيرٍ ولا نصير. فهو وِتْرٌ لا شبيه له.
ويُطلق لفظ الوتْر ويُراد منه الظلامة في الدم، وعليه فإنَّ وصف الإمام الحسين (ع) بالوتر مبنيٌّ على حذف المضاف، فالحسين وتْرٌ أي أنَّه صاحب الوتر وأنَّه صاحب الظلامة، وإنَّما حُذف المضاف لغرض التعبير عن أنَّ الظلامة التي وقعت على الحسين (ع) بلغتْ حدًا حتى كأنَّه صار عين الظلامة وذلك لفظاعة ما كان قد وقع عليه من ظُلم. فنعتُ الحسين (ع) بالوتر رغم أنَّ لفظ الوتر مصدر كنعت عليٍّ بالعدل رغم انَّه مصدر، فيُقال عليٌّ عَدلٌ بمعنى أنَّه بلغ عدله حدًا حتى صار كأنَّه هو العدل بعينه والعدلُ هو.
وقد يُطلق الوتر ويُراد منه الثأر، فيكون المراد من وصف الإمام الحسين (ع) بالوتْر هو أنَّه صاحب الوتر أي صاحب الثأر أي المستحَق لأنْ يثأرَ له.
وقد ورد في بعض الزيارات المأثورة: (السلام عليك يا وتر الله الموتور) أي ثأر الله جلَّ وعلا، فهو الذي يثأرُ اللهُ تعالى له أو هو الذي كان الثأرُ له ثأرًا لله جلَّ وعلا. أو هو الذي كانت مظلوميتُه واقعةً في سياق الانتهاك لحقِّ الله جلَّ وعلا، ومعنى ذلك أنَّ المظلوم بقتل الحسين (ع) هو حقُّ الله تبارك وتعالى.
والمراد من الموتور لغةً هو مَن قُتل حميمُه أو أحد أقربائه فلم يُؤخذ بثأره من القاتل. فالقاتلُ واتر، ومَن قُتل حميمُه أو ولده موتور. وقد كان الحسين (ع) موتورًا قبل أنْ يُقتل حيث قُتل أولاده وأولاد أخيه وبنو عمومته أمامه وعلى مرأىً منه، لذلك فهو موتور لأنَّ أولاده قد قُتلوا فلم يسعْه أن يقتصَّ ممَّن قتلهم.
ثم إنَّ وصف الحسين (ع) في الزيارة المأثورة بالموتور فيه إشعارٌ بانحصار هذا النعت به دون غيره كما هو مقتضى تعريف النعت بالألف واللام، والغرض من ذلك هو الإشارة إلى أنَّ أحقَّ من وُصف بالموتور هو الإمام الحسين (ع).
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور