الردُّ على شبهة أنَّ جبرئيل أفضل من النبي (ص)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
إذا كان النبيُّ (ص) هو الأقرب لله فلماذا أرسل الله له جبرائيل؟ لماذا لم يُوصل له رسالته مباشرة كما أوصلها لجبرائيل؟
ولو كان النبيُّ أو الإمام هو الأقرب لله فكيف تنصُّ الروايات على أنَّ الله جعل معه ملكًا يحفظه من الزلل؟
الجواب:
تحديد المراد من الأقربيَّة:
إذا كان المقصود من الأقربيّة هي الأقربيَّة من حيثُ المكان فهو من الجهل بالله تعالى، وإذا كان المقصود من الأقربيَّة هو أنَّ النبيَّ (ص) أو جبرئيل أحدهما أكرم على الله من الآخر فإنَّ الله تعالى قد بيَّن الضابط الذي يتحدَّد به مَن هو الأكرم عنده جلَّ وعلا فقال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾([1]) فالأتقى لله هو الأكرم على الله، ومن الواضح البيِّن أنْ كون جبرئيل (ع) هو الحامل للرسالة من عند الله وكون النبيِّ (ص) هو المتلقِّي لها لا يكون معيارًا للكشف عمَّن هو الأكرم على الله تعالى، وإلا كان الساعي بالبريد أكرم على المرسِل دائمًا من المرسَل إليه!!.
ربَّ حامل فقهٍ إلى مَن هو أفقه منه:
وإذا كان المقصود من الأقربيَّة هو أنَّ أحدهما أعلمُ بالله تعالى من الآخر فكونُ جبرئيلَ هو الحامل للرسالة، وكونُ النبيِّ الكريم (ص) هو المتلقِّي لها لا يدلُّ على أنَّ جبرئيل (ع) هو الأعلم بالله تعالى من النبيِّ (ص) فإنَّه ربَّ حامل فقهٍ لا فقهَ له، وربَّ حامل فقهٍ إلى مَن هو أفقهُ منه، وهذا واضحٌ بالوجدان فقد ينقلُ حاملُ الرسالة خطابًا من المُرسِل إلى المرسَلِ إليه فيؤدِّيه كما هو بنصِّه لكنَّه لا يدري ما هو معناه، فيتلقَّاه المرسَلُ إليه فيفهمُ معناه، وقد يفهمُ حاملُ الرسالة معناها ولكنَّه يجهلُ بمغزاها ودقائقها، فيتلقَّاها المرسَلُ إليه فيفهمُ معناها ومغزاها ودقائقها وبواطنها.
فكونُ جبرئيلَ (ع) هو الحامل للقرآن عن الله تعالى للنبيِّ (ص) لا يدلُّ -كما هو واضح- على أنَّ جبرئيل أعلم بالقرآن ومعانيه ودقائقه وظواهره وبواطنه من النبيِّ (ص).
تلقِّي الرسالة بالواسطة قد تقتضيها ظروف التلقِّي:
وأمَّا لماذا تلقَّى النبيُّ (ص) القرآن عن الله تعالى بواسطة جبرئيل فلعلَّ ذلك نشأ عن طبيعة الخلق والتكوين والنشأة التي تلقَّى النبيُّ (ص) فيها آياتِ القرآن وهي عالَمُ الدنيا، فلعلَّ كونَ النبيَّ (ص) في هذه النشأة أي في عالم الدنيا اقتضى أن يتلقَّى الوحي بالقرآن بواسطة جبرئيل (ع) كما ربَّما يُشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا﴾([2]) أي أنَّ كونَهم في الأرض يقتضى -رغم أنَّهم ملائكة- أنْ يتلقوا الوحي بواسطة ملَكٍ من السماء.
وعلى أيِّ تقدير فإنَّ ذلك شأنٌ لا تُدركه العقول، فإنَّه من فعل الله الذي: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ﴾([3]) فلا يُقال لماذا لم يبعث اللهُ النور دون توسيط الشمس، ولماذا لم يخلق الله الإنسان دون توسيط التزاوج، ولماذا لم يخلق الشبع دون توسيط الأكل، ولماذا أناط وجود المسبَّبات بأسبابها وهو القادر على أيجادها ابتداءً دون أسباب، فتوسيطُ جبرئيل (ع) في أيصال الرسالة للنبيِّ (ص) إنَّما هو من فعل الله الذي لا نُدرك حكمته، لكنَّ الذي نُدركه أنَّ الوسائل لا تكون بالضرورة خيرًا -عند المتوسِّل بها- من الغايات بل غالبًا ما تكون الوسائل محبوبةً بالتبع أي أنَّها محبوبةٌ تبعًا لمحبوبيَّة الغايات المتوسَّل إليها، والمحبوبُ بالتبع لا يكون خيرًا -عند المحبِّ- من المحبوبِ بالذات.
اشتمال السؤال على مغالطة:
ثم ما هو مراد صاحب الشبهة من قوله: لماذا لم يُوصل له رسالته مباشرة كما أوصلها لجبرائيل؟
هل قصد من ذلك أنَّ الله قد أوصل الرسالة لجبرئيل مباشرة وجهًا لوجه!! إنَّ ذلك ليس مقصوده حتمًا فإنَّ الله تعالى غير قابلٍ للرؤية ولا يحدُّه مكان وليس هو في جهة، فوصول الرسالة لجبرئيل من الله تعالى لن تكون إلا بواسطة الوحي أيضًا كما يؤشِّر لذلك قوله تعالى: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إلى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا﴾([4]) ثم إنَّ في السؤال مغالطة بيِّنة وهي قوله: "لماذا لم يُوصل للنبيَّ (ص) رسالته مباشرة كما أوصلها لجبرائيل؟" فكأنَّه أراد الإيحاء بأنَّ جبرئيل كان مقصودًا بالرسالة ومعنيًّا بها كما كان النبيُّ (ص) معنيًّا بها والحال أنَّ الرسالة التي حملها جبرئيل عن الله ليست له ولم يكن معنيَّاً بها وإنَّما هي للنبيِّ (ص) فلم يكن جبرئيل (ع) سوى وسيلةٍ للإيصال، فالمقصودُ بالرسالة محضًا والمكلَّفُ بتحمُّل أعبائها هو النبيُّ الكريم (ص). والالتفاتُ لذلك وحده كافٍ للإذعان بمَن هو الأولى بالله من الآخر.
تلقِّي النبيِّ للوحي لم يكن دائمًا بواسطة جبرئيل:
ثم إنَّ من غير الصحيح أنَّ تلقِّي النبيّ (ص) الوحي والقرآن عن الله تعالى كان دائمًا عن طريق جبرئيل (ع) فإنَّ في الآيات ما يُشيرُ إلى أنَّ النبيَّ (ص) كان قد تلقَّى الوحيَ مشافهةً ودون توسيط ملَك، فمِن ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ / وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾([5]).
فإنَّ ظاهر الآية أنَّ تكليم الله تعالى لأحدٍ من البشر يكون على أنحاء ثلاثة:
الأول: الكلام المباشر يعني الوحي بالمشافهة، والثاني الكلام من وراء حجاب كما في كلام الله تعالى لموسى (ع) حيث كان بتوسيط شجرة الطور، والثالث الكلام بتوسيط الملَك وهذا هو معنى: ﴿أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا﴾ أي ملكًا ﴿فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ﴾ يعني فيُوحي الملكُ للنبيِّ بإذن الله ما يشاء. فمخاطبةُ الله تعالى لأحدٍ من البشر بواحد من الأنحاء الثلاثة يكون من تكليم الله له كما يتَّضح ذلك من جعل التكليم هو المقسَم للأنحاء الثلاثة ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ﴾.
والقسم الأول هو الوحي من غير توسيط ومن غير حجاب كما هو مقتضى المقابلة بينه وبين القسم الثاني والذي هو من وراء حجاب، والقسم الثالث والذي هو الوحي بتوسيط الملَك، فالقسمُ الأول هو الوحي من غير توسيط ومن غير حجاب وهو المُعبَّر عنه بالوحي مشافهةً.
ثم قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ فالمُوحى به هو قوله: ﴿رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ وهو الذي عُلم به الكتاب والإيمان كما يظهر ذلك من قوله بعد ذلك ﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ﴾ أي ما كنت تدري بذلك قبل الوحي بالروح، وقد أسند اللهُ تعالى الإيحاء للنبيِّ (ص) بالروح -الكتاب والإيمان- إلى نفسه ولم يُشر إلى أنَّه من وراء حجاب أو بتوسيط ملَك فيتعيَّن بذلك إرادة القسم الأول وهو الوحي بالمشافهة، إذ أنَّ ذلك هو مقتضى اختيار التعبير بالوحي في سياق بيان أنحاء التكليم الإلهي لأحدٍ من البشر. فمفاد الآية أنَّ تكليم الله لأحدٍ من البشر يكون بالوحي، ويكون من وراء حجاب، ويكون بتوسيط الملَك وقد كلَّمناك بالوحي أي بالقسم الأول من أقسام الكلام وهو الوحي بالمشافهة.
ويُؤيد ذلك قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾([6]) فوسيلة التلقِّي للقرآن هو المشافهة كما هو مقتضى الظاهر من التعبير باللدنيَّة، وهذا لا يُنافي تلقِّي النبيِّ (ص) القرآن بتوسيط جبرئيل (ع) وذلك لتعدُّد مرَّات التلقِّي وعوالم التلقِّي وكذلك تعدُّد أنحاء التلقِّي، فكان منها التلقِّي في عالم الرؤيا كما يظهر ذلك من مثل قوله: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾([7]) وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾([8]) وكان منها التلقِّي بواسطة جبرئيل (ع) كما أفاد ذلك مثل قوله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ / عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾([9]) ومنه التلقِّي بالمشافهة والإلقاء في الرُّوع كما يظهر ذلك من قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾.
ويؤيد ما ذكرناه من أنَّ النبيِّ (ص) كان في بعض حالاته يتلقَّى الوحي بالمشافهة دون توسيط جبرئيل (ع) العديد من الروايات:
منها: ما رواه الشيخ الطوسي في الأمالي بسنده عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال بعض أصحابنا: أصلحك الله، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: قال جبرئيل (عليه السلام)، وهذا جبرئيل يأمرني، ثم يكون في حالٍ أخرى يُغمى عليه؟ قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إنَّه إذا كان الوحيُ من الله إليه ليس بينهما جبرئيل (عليه السلام)، أصابَه ذلك لثقلِ الوحي من الله، وإذا كان بينهما جبرئيل (عليه السلام) لم يصبْه ذلك، فيقول: قال لي جبرئيل، وهذا جبرئيل يأمرني"([10]).
ومنها: صحيحة عبيد بن زرارة، عن أبيه، قال: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: جعلتُ فداك الغشيةُ التي كانت تُصيبُ رسول الله صلَّى الله عليه وآله إذا أنزل عليه الوحي؟ فقال: ذاك إذا لم يكن بينه وبين اللهِ أحد، ذاك إذا تجلَّى اللهُ له .."([11]).
النبيُّ (ص) كان مسدَّدًا بالروح وهي غير الملائكة:
وأمَّا قول صاحبُ الشبهة: إنَّه لو كان النبيُّ أو الإمام هو الأقرب لله فكيف تنصُّ الروايات على أنَّ الله جعل معه ملكًا يحفظُه من الزلل؟
فجوابه: إنَّ الواضح من الروايات المستفيضة أنَّ الذي يكون مع النبيِّ (ص) والإمام (ع) ليس ملَكًا له شخصية مستقلَّة كما هو شأن كلِّ ملَك من الملائكة بل هو كما عبَّرت عنه الروايات بأنَه روح يبعثُها الله تعالى فتكون في النبيِّ (ص) وفي الإمام (ع) لا نعلم كُنهها ولكنَّ الروايات أفادت أنَّه يكون لها دور التسديد، وبها يُمنح العلم بمَا تَحْتَ الْعَرْشِ إلى مَا تَحْتَ الثَّرَى، وقد عبَّرت عنها بعض الروايات بروح القدس، وهي -للتقريب- أشبهُ شيءٍ بالملَكات والقابليات.
ماهيَّة الروح التي تكون مع النبيِّ (ص) -والإمام- تُسدِّده:
وهنا سنذكر عددًا من الروايات يتجلَّى بمجموعها تصوُّرٌ إجمالي لماهيَّة هذه الروح التي أفادت الروايات أنَّها تكون في النبيِّ (ص) أو معه وتكون في الإمام (ع) أو معه تُسدِّده وبها يعلمُ العلم ويُمنح الفهم:
الأولى: ما رواه الكليني بسندٍ معتبر إلى سَعْدٍ الإِسْكَافِ قَالَ: "أَتَى رَجُلٌ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (ع) يَسْأَلُه عَنِ الرُّوحِ ألَيْسَ هُوَ جَبْرَئِيلَ؟ فَقَالَ لَه أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع): جَبْرَئِيلُ (ع) مِنَ الْمَلَائِكَةِ، والرُّوحُ غَيْرُ جَبْرَئِيلَ، فَكَرَّرَ ذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ فَقَالَ لَه: لَقَدْ قُلْتَ عَظِيمًا مِنَ الْقَوْلِ مَا أَحَدٌ يَزْعُمُ أَنَّ الرُّوحَ غَيْرُ جَبْرَئِيلَ، فَقَالَ لَه أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع): إِنَّكَ ضَالٌّ تَرْوِي عَنْ أَهْلِ الضَّلَالِ يَقُولُ اللَّه تَعَالَى لِنَبِيِّه (ص): ﴿أَتى أَمْرُ الله فَلا تَسْتَعْجِلُوه سُبْحانَه وتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ﴾([12]) والرُّوحُ غَيْرُ الْمَلَائِكَةِ صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْهِمْ"([13]).
فهذه الرواية صريحة بأنَّ الروح ليست ملَكًا من الملائكة بل هي أمرٌ ينزل به الملائكة من عند الله تعالى أو هو أمرٌ به تنزلُ الملائكة.
الثانية: صحيحة أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) يَقُولُ: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾([14]) قَالَ خَلْقٌ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِيلَ ومِيكَائِيلَ لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدٍ مِمَّنْ مَضَى غَيْرِ مُحَمَّدٍ (ص) وهُوَ مَعَ الأَئِمَّةِ يُسَدِّدُهُمْ ولَيْسَ كُلُّ مَا طُلِبَ وُجِدَ"([15]).
وهذه الرواية أفادت أنَّ الروح أعظمُ من جبرئيل وميكائيل وهما أعظم الملائكة شأنًا، وأفادت أنَّ الروح خلقٌ من خلق الله تعالى، وبمقتضى الرواية السابقة أنَّ هذا الخلق ليس من سنخ الملائكة، وكذلك هو مقتضى العدول عن وصفها بالملك إلى وصفها بأنَّها خلق، وأفادت أنَّ هذا الخلق وهذه الروح تكون مع النبيِّ (ص) ومع الأئمة (ع) تُسدِّدهم.
الثالثة: صحيحة أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) عَنْ قَوْلِ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى: ﴿وكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ ولَا الإِيمانُ﴾ قَالَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِيلَ ومِيكَائِيلَ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّه (ص) يُخْبِرُه ويُسَدِّدُه وهُوَ مَعَ الأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِه"([16]).
وهذه الرواية قريبة المضمون من الرواية التي سبقتها، ومقتضاها أنَّ المقصود من الروح في قوله تعالى: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ هي ذاتها الروح المقصودة في قوله تعالى: ﴿وكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنا﴾ ومن هذه الآية يتَّضح أنَّ الروح شيءٌ من سنخ المُوحى به كما هو مقتضى قوله: ﴿أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحًا﴾ فهي شيءٌ مُوحى به، ومؤدَّى ذلك أنَّها ليست من قبيل الذوات ذات الشخصية المستقلة.
الرابعة: معتبرة أَبِي حَمْزَةَ الثمالي قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) عَنِ الْعِلْمِ أهُوَ عِلْمٌ يَتَعَلَّمُه الْعَالِمُ مِنْ أَفْوَاه الرِّجَالِ أَمْ فِي الْكِتَابِ عِنْدَكُمْ تَقْرَؤُونَه فَتَعْلَمُونَ مِنْه قَالَ: الأَمْرُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وأَوْجَبُ، أمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: ﴿وكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ ولَا الإِيمانُ﴾ ثُمَّ قَالَ: أَيَّ شَيْءٍ يَقُولُ أَصْحَابُكُمْ فِي هَذِه الآيَةِ أيُقِرُّونَ أَنَّه كَانَ فِي حَالٍ لَا يَدْرِي مَا الْكِتَابُ ولَا الإِيمَانُ؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا يَقُولُونَ فَقَالَ لِي: بَلَى قَدْ كَانَ فِي حَالٍ لَا يَدْرِي مَا الْكِتَابُ ولَا الإِيمَانُ حَتَّى بَعَثَ اللَّه تَعَالَى الرُّوحَ الَّتِي ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ فَلَمَّا أَوْحَاهَا إِلَيْه عَلَّمَ بِهَا الْعِلْمَ والْفَهْمَ وهِيَ الرُّوحُ الَّتِي يُعْطِيهَا اللَّه تَعَالَى مَنْ شَاءَ فَإِذَا أَعْطَاهَا عَبْدًا عَلَّمَه الْفَهْمَ"([17]).
فقوله (ع): "حَتَّى بَعَثَ اللَّه تَعَالَى الرُّوحَ الَّتِي ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ فَلَمَّا أَوْحَاهَا إِلَيْه" صريحٌ في أنَّ الروح التي بها التسديد من سنخ المُوحى به، فهي ليست من قبيل الذوات ذات الشخصيَّة الاستقلالية كالإنسان والملك والجان بل هي من قبيل البصيرة أو الطاقة والقوة الروحيَّة - إذا صحَّ التعبير- أو ما يمكن التعبير عنها بأنَّها نورٌ من نور الله تعالى "فَإِذَا أَعْطَاهَا عَبْدًا عَلَّمَه الْفَهْمَ".
الخامسة: صحيحة أَسْبَاطِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: سَأَلَه رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هِيتَ وأَنَا حَاضِرٌ عَنْ قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: ﴿وكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنا﴾ فَقَالَ: مُنْذُ أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ ذَلِكَ الرُّوحَ عَلَى مُحَمَّدٍ (ص) مَا صَعِدَ إلى السَّمَاءِ وإِنَّه لَفِينَا"([18]).
فقوله (ع): "وإِنَّه لَفِينَا" ظاهر أو مشعِرٌ بأنَّ الروح من قبيل الملكات والقابليات، فهي ملكة خاصَّة لا نعلم كُنهها مُنحت من عند الله تعالى للنبيِّ (ص) وللأئمة (ع) من بعده.
السادسة: ما رواه الكليني في الكافي بسنده عن الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ سَأَلْتُه: عَنْ عِلْمِ الإِمَامِ بِمَا فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ وهُوَ فِي بَيْتِه مُرْخًى عَلَيْه سِتْرُه؟ فَقَالَ: يَا مُفَضَّلُ إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى جَعَلَ فِي النَّبِيِّ (ص) خَمْسَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْحَيَاةِ فَبِه دَبَّ ودَرَجَ، ورُوحَ الْقُوَّةِ، فَبِه نَهَضَ وجَاهَدَ، ورُوحَ الشَّهْوَةِ، فَبِه أَكَلَ وشَرِبَ وأَتَى النِّسَاءَ مِنَ الْحَلَالِ، ورُوحَ الإِيمَانِ، فَبِه آمَنَ وعَدَلَ، ورُوحَ الْقُدُسِ فَبِه حَمَلَ النُّبُوَّةَ، فَإِذَا قُبِضَ النَّبِيُّ (ص) انْتَقَلَ رُوحُ الْقُدُسِ فَصَارَ إلى الإِمَامِ، ورُوحُ الْقُدُسِ لَا يَنَامُ، ولَا يَغْفُلُ، ولَا يَلْهُو، ولَا يَزْهُو، والأَرْبَعَةُ الأَرْوَاحِ تَنَامُ وتَغْفُلُ وتَزْهُو وتَلْهُو، ورُوحُ الْقُدُسِ كَانَ يَرَى بِه"([19]).
وهذه الرواية أصرح في الدلالة على أنَّ الروح المعبَّر عنها بروح القدس تُصبح بعد أن تهبط على النبي(ص) وكذلك الإمام (ع) جزءً من حقيقة ذاته كما أنَّ روح الحياة وروح الشهوة من حقيقة ذاته. وأفادت الرواية أنَّ الإمام (ع) بهذه الروح يعلمُ بما في أقطار الأرض وهو في بيته، فمفاد ذلك أنَّ الروح نحوُ قوةٍ يُجهَّز بها الإمام يعلم بتوسُّطها ما في أقطار الأرض، وهذا هو مفاد قوله (ع): "ورُوحُ الْقُدُسِ كَانَ يَرَى بِه" وأفادت الرواية أنَّ روح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو، وهذا هو معنى التسديد إذ أنَّ مناشئ الزلل والتضييع هي النوم والغفلة واللهو والزهو، ولذلك استفاضت الروايات أنَّ النبيَّ (ص) وكذلك الإمام (ع) تنامُ عينُه ولا ينامُ قلبُه.
السابعة: ما رواه الكليني في الكافي بسنده عن جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: سَأَلْتُه عَنْ عِلْمِ الْعَالِمِ؟ فَقَالَ لِي: يَا جَابِرُ إِنَّ فِي الأَنْبِيَاءِ والأَوْصِيَاءِ خَمْسَةَ أَرْوَاحٍ، رُوحَ الْقُدُسِ ورُوحَ الإِيمَانِ، ورُوحَ الْحَيَاةِ، ورُوحَ الْقُوَّةِ، ورُوحَ الشَّهْوَةِ، فَبِرُوحِ الْقُدُسِ يَا جَابِرُ عَرَفُوا مَا تَحْتَ الْعَرْشِ إلى مَا تَحْتَ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ يَا جَابِرُ إِنَّ هَذِه الأَرْبَعَةَ أَرْوَاحٌ يُصِيبُهَا الْحَدَثَانُ إِلَّا رُوحَ الْقُدُسِ فَإِنَّهَا لَا تَلْهُو ولَا تَلْعَبُ"([20]).
الثامنة: صحيحة فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) يَقُولُ لِبَعْضِ أَصْحَابِ قَيْسٍ الْمَاصِرِ: إِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ أَدَّبَ نَبِيَّه فَأَحْسَنَ أَدَبَه فَلَمَّا أَكْمَلَ لَه الأَدَبَ قَالَ: ﴿إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾([21]) ثُمَّ فَوَّضَ إِلَيْه أَمْرَ الدِّينِ والأُمَّةِ لِيَسُوسَ عِبَادَه فَقَالَ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوه وما نَهاكُمْ عَنْه فَانْتَهُوا﴾([22]) وإِنَّ رَسُولَ اللَّه (ص) كَانَ مُسَدَّدًا مُوَفَّقًا مُؤَيَّدًا بِرُوحِ الْقُدُسِ لَا يَزِلُّ ولَا يُخْطِئُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَسُوسُ بِه الْخَلْقَ فَتَأَدَّبَ بِآدَابِ اللَّه .."([23]).
فروح القدس منحة أودعها الله تعالى في قلب نبيِّه (ص) هي أشبه شيءٍ بالبصيرة بمراتبها العالية، أثرها التسديد العاصم من الزلل والخطأ في مطلق ما يسوس به الخلق.
التاسعة: موثقة الحلبي وزرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "إنَّ الله تبارك وتعالى أحد، صمدٌ، ليس له جوف، وإنَّما الروح خلقٌ من خلقه، نصرٌ وتأييدٌ وقوَّةٌ، يجعله الله في قلوب الرُسل والمؤمنين"([24]).
وهذه الرواية صريحة في أنَّ الروح التي يكون بها التأييد والتسديد هي أمر من عنده يبعثه أو قل يقذفه في قلوب الرُسل والمؤمنون (الأئمة) فهي أشبه شيء بالملكات والقابليات. نعم هي في النبيِّ (ص) والأئمة (ع) في أعلى مراتبها، وهذا هو معنى ما ورد في بعض الروايات أنَّها لم تكن فيمن مضى من الرسل أي لم تكن في مرتبتها التامَّة أو العالية عند غير النبيِّ(ص) والأئمة (ع) من بعده. إذ أن رسالة النبيِّ (ص) هي الرسالة الخاتمة والشاملة والمهيمنة كما أفاد ذلك القرآن الكريم.
العاشرة: ما رواه الصدوق بسنده عن الحسن بن الجهم عن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: "إنَّ الله عزَّ وجل أيَّدنا بروحٍ منه مقدَّسة مطهَّرة، ليستْ بملَك، لم تكن مع أحدٍ ممَّن مضى إلا مع رسول الله (ص) وهي مع الأئمة منَّا تُسددهم وتُوفِّقهم، وهو عمود من نورٍ بيننا وبين الله"([25]).
ومن مجموع هذه الروايات ورواياتٍ أخرى -يفوق مجموعها حدَّ الاستفاضة بمراتب- يتبيَّن أنَّ الذي يكون مع النبيِّ (ص) ومع الإمام (ع) يُسدِّده، وبه يعلم العلم ويُمنح الفهم ليس من سنخ الملائكة بل هي روح تمتزج بذات النبيِّ (ص) فتُصبح جزءً من كيانه وحقيقته وشخصيته فهي أشبهُ شيء بالملكة العاصمة والبصيرة الكاملة، ومن ذلك يتَّضح المراد ممَّا رُوي عن الإمام أمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة قال -في الخطبة القاصعة-: ".. ولَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ بِه (ص) مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيمًا أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِه يَسْلُكُ بِه طَرِيقَ الْمَكَارِمِ ومَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَه ونَهَارَه .."([26]) فإنَّ مقتضى الجمع بين هذه الرواية وبين الروايات المستفيضة أنَّ الذي كان مع النبيِّ (ص) يُسدِّدُه منذُ أنْ كان فطيمًا لم يكن من سنخ الملائكة بل هي روح اقترنت بالنبيِّ (ص) فكان من أثرها الهداية التامَّة والتسديد، وأما التعبير عنها بأنَّها أعظم ملكٍ من الملائكة فكان لغرض تقريب هذه الحقيقة من الأذهان، فإنَّ ذلك هو مقتضى الجمع بين هذه الرواية وبين الروايات المستفيضة والمبيِّنة لحقيقة الروح التي قُرنت بالنبي (ص) والتحمت به وأنَّها لم تكن من سنخ الملائكة المعروفة التي لها شخصية استقلالية، ولعلَّ التعبير عنها بالملك نشأ عن أنَّها هبطت من مهبط الملائكة وهو عالم الملكوت كما أفادت ذلك صحيحةُ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) عَنْ قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ قَالَ خَلْقٌ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِيلَ ومِيكَائِيلَ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّه (ص) وهُوَ مَعَ الأَئِمَّةِ وهُوَ مِنَ الْمَلَكُوتِ"([27]). فتسمية هذه الروح بالملك باعتبار ملكوتيتها وأنَّها جاءت من عالم الملكوت تماماً كتسمية جبرئيل في بعض الموارد بروح القدس رغم أنَّه من الملائكة فإنَّ ذلك نشأ ظاهراً عن تقدُّس روحه وعصمتها.
ولعلَّ ممَّا يؤيد اختلاف الروح التي تكون مع النبيِّ (ص) عن طبيعة الملائكة وصفُها بأنَّها أعظم من الملائكة ومن جبرئيل وميكائيل، والظاهر أنَّه ليس في الملائكة مَن هو أعظم من جبرئيل ثم ميكائيل، وذلك يؤيِّد أنَّ الروح الذي وصفتها الخطبة القاصعة بأنَّها أعظم ملك أنَّها ليست من سنخ الملائكة المعروفة إذ أنَّ أعظم الملائكة المعروفة على الإطلاق هو جبرئيل، فليكن ذلك مؤيدًا.
وخلاصة القول: إنَّه لا محذور في التعبير عن الروح التي تكون مع النبيِّ (ص) والإمام تُسدده، لا محذور في التعبير عنها بالملَك بعد اتِّضاح من طريق الروايات أنَّها ليست من سنخ الملائكة المعروفة ذوات الشخصيَّة الاستقلالية وبعد اتَّضاح أنَّها خلق عظيم أو قل نورٌ يقذفه الله في قلب النبيِّ (ص) والإمام (ع) فيكون من أثره التسديد والبصيرة الكاملة والعاصمة من الزلل، فهي ليست ذاتاً مستقلة عن النبيِّ (ص) حتى تصحَّ المفاضلة بينها وبين النبي (ص) بل هي بعد أنْ تهبط على قلب النبيِّ (ص) تكون جزءً من ذاته وحقيقته، فهي شيء أشبه بالعلم والمعرفة والملكات التي تُسهم في تنمية الذات وتكميلها لا أنَّها شيء مستقلٌّ عن الذات فلا مسرح لتصوُّر التفاضل بينها وبين الذات لأنَّها عين الذات ومن حقيقتها.
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
18 / جمادى الآخِرة / 1442هـ
1 / فبراير / 2021م
[1]- سورة الحجرات / 13.
[2]- سورة الإسراء / 95.
[3]- سورة الأنبياء / 23.
[4]- سورة الأنفال / 12.
[5]- سورة الشورى / 51-52.
[6]- سورة النمل / 6.
[7]- سورة الفتح / 27.
[8]- سورة الإسراء / 60.
[9]- سورة الشعراء / 193-194.
[10]- الأمالي -الطوسي- ص663.
[11]- التوحيد -الصدوق- ص115.
[12]- سورة النحل / 1.
[13]- الكافي -الكليني- ج1 / ص274.
[14]- سورة الإسراء / 85.
[15]- الكافي -الكليني- ج1 / ص273.
[16]- الكافي -الكليني- ج1 / ص273.
[17]- الكافي -الكليني- ج1 / ص274.
[18]- الكافي -الكليني- ج1 / ص273.
[19]- الكافي -الكليني- ج1 / ص272.
[20]- الكافي -الكليني- ج1 / ص272.
[21]- سورة القلم / 4.
[22]- سورة الحشر / 7.
[23]- الكافي -الكليني- ج1 / ص266.
[24]- التوحيد -الصدوق- ص117.
[25]- عيون أخبار الرضا (ع) ج2 / ص217.
[26]- نهج البلاغة ج2 / ص175.
[27]- الكافي -الكليني- ج1 / ص273.