علم الأئمة (ع) بالغيب 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل يعلم علي (ع) بالغيب ؟ وما الدليل على ذلك؟

الجواب:

علم الإمام علي (ع) بشيء من علم الغيب أمر ثابت ومسلَّم عند الإمامية قاطبة بل هو كذلك بالنسبة لأئمة أهل البيت عليهم السلام، وقد دلّت الروايات المتواترة على إحاطتهم بالكثير من المغيبات. إلا أنَّ ما تعتقده الإمامية هو أن علمهم بالغيب لم يكن ذاتيًا وإنما كان بتعليم من الله جلَّ وعلا فهو علام الغيوب والمحيط بكلِّ شيء، ولا محذور في أنْ يرتضي الله تعالى بعضًا من خلقه فيُطلعهم على شيءٍ من غيبه قال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا / إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ﴾(1).

وقد أطلع ملائكته على بعض غيبه فقال لهم قبل خلق الإنسان ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ..﴾(2)، وقد أطلع بعض أوليائه من غير الأنبياء على غيبه فقال تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ / وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾(3).

فقد أطلعها الله تعالى على بعض مكنون غيبه حيث إن شيئًا مما أخبرها به لم يكن قد وقع، فأخبرها أنها ستلد من غير نكاح ولذلك قالت ﴿أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾(4)، وأخبرها ببعض سمات ولدها فأفاد تعالى إنه سيُصبح وجيهًا في الدنيا والآخرة ومن المقرَّبين، كما أنبأها عن أنه سوف يكلِّم الناس في المهد وسيمتدُّ به العمر إلى أن يصبح كهلاً.

ولكي يرتفع الاستيحاش أكثر عن دعوى علم الأئمة (ع) بالغيب

نشير إلى أمرين:

الأمر الأول: نذكر فيه بعض النماذج القرآنية المعبِّرة عن علم الأنبياء وبعض الأولياء بالغيب.

النموذج الأول: قوله تعالى على لسان عيسى (ع) ﴿وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾(5). فنبيُّ الله عيسى (ع) كان يعلم بما يأكل بنو إسرائيل وما يدَّخرون في بيوتهم وهو من علم الغيب.

وقال تعالى في مورد آخر ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾(6).

فعلَّمه بأن الله تعالى سوف يبعث في مستقبل الأيام رسولاً اسمه أحمد، وذلك من علم الغيب، هذا وقد أطلع الله نبيه عيسى على مصيره فقال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾(7).

النموذج الثاني: قوله تعالى في سورة الحجر: ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ / إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ / قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ﴾(8)، وقوله تعالى: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ / قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ / إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ / إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ﴾(9).

فالآيات المباركات التي ذكرناها تعبِّر عن إطْلاع الله عزَّ وجلَّ نبيَّه إبراهيم على شيءٍ من غيبه، حيث أنبأه عن أنَّه سيمنحه في مستقبل الأيام بمولودٍ وسيكون ذلك المولود ذكرًا ومن سماته أنَّه يكون عليمًا. وظاهر آية أخرى أن الإخبار بهذا الأمر المغيَّب لم يكن مختصًا بنبي الله إبراهيم (ع) بل كان إخبارًا له ولزوجته سارة قال تعالى ﴿وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ / فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ / وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ﴾(10). فالآية المباركة تعبِّر عن أنّ الله عزَّ وجلَّ قد يمنح غيبه بعض أوليائه من غير الأنبياء.

هذا وقد اشتملت هذه على ما لم تشر الآيات السابقة إليه وهو أنَّ الله تعالى سيمنح هذا المولود بعقبٍ يستحقُّ التبشير به وهو يعقوب، كلُّ ذلك من أنباء الغيب.

ثم إنَّ الآيات التي ذكرناها اشتملت على نبأٍ غيبيّ آخر منحه الله نبيَّه إبراهيم (ع) وهو أن الإرادة الإلهية قد اقتضت إنزال العذاب على قوم لوط ثم عرّف اللهُ نبيَّه تفاصيل ما سيُصيب قوم لوط فأفادت آية أخرى أنه تعالى سوف يُرسل عليهم حجارة من طين مسوَّمة قال تعالى: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ / قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ / لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ / مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ﴾(11).

ثم أفادت الآيات أن العذاب لن يصيب آل لوط وأن الله سوف يُنجِّيهم، أما امرأة لوط فإنه سيصيبها ما أصاب قوم لوط. كلُّ ذلك من أنباء الغيب علم بها إبراهيم (ع).

النموذج الثالث: قوله تعالى في سورة يوسف: ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ / قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾(12).

فالآية المباركة الثانية صريحة بأن يوسف (ع) كان يعلم شيئًا كثيرًا من مكنون غيبه تعالى حيث ادَّعى -وهو الصدِّيق- لصاحبيه أنه يعلم بتأويل ما سيُرزقانه من طعام وذلك ظاهر في العلم بنوعه ومصدره والغاية من بعْثه إليهم، وقد أفاد أن مصدر علمه بذلك هو تعليم الله تعالى له فهو ليس من قبيل التكهُّن والرجم في الغيب.

ثم إن النبي يوسف (ع) أخبر صاحبيه بالمصير الذي سينتهيان إليه فأخبر أحدهما بأنه سيُصلب وستأكل الطير من رأسه، وأخبر الآخر بأنَّه يسقي ربه خمرًا ثم أفاد أن ذلك قضاء قد أُبرم.

قال تعالى: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾(13).

هذا وقد أنبأ يوسف الملك وقومه ما سيؤول إليه حالهم وأنهم سيبتلون بسنين عجاف حددها بسبع وأخبرهم أن ذلك سيكون بعد سنينٍ سبع من الرخاء، وأفاد أنه سيأتي من بعد السبع العجاف عام فيه يُغاث الناس وفيه يعصرون.

وكل ذلك من مكنون الغيب الذي لا ينبغي أن يطَّلع عليه من أحد إلا أن يُطلعه الله تعالى عليه.

قد يقال إن علم يوسف بكل هذه التفاصيل الغيبية إنما كان بواسطة الرؤيا ولولا ذلك لما كان عارفًا بهذه المغيبات.

والجواب من ذلك: هو أن الوسيلة للمعرفة بالغيب خارج عن مورد البحث، ومورد البحث والنزاع إنَّما هو إمكانيَّة إطّلاع الإنسان على الغيب بتعليم من الله تعالى أو عدم إمكانية ذلك، والآيات التي أوردناها في النموذج الثالث صريحة في معرفة يوسف بالكثير من علم الغيب، إذ لا شيء أدلُّ على الإمكان من الوقوع، فما ندَّعيه هو أن الإنسان قد يكون عارفًا ببعض المغيبات إذا كان الله قد أطلعه عليها، وأما وسيلة ذلك فهي تختلف، فقد يتم بواسطة الملائكة، وقد يكون بواسطة الرؤيا الصادقة، وقد يتم ذلك بواسطة تعليم الأنبياء.

النموذج الرابع: قوله تعالى على لسان نبي الله صالح: ﴿وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ / فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾(14).

الآية المباركة كما تلاحظون صريحة في علم نبي الله صالح (ع) بما اقتضته الإرادة الإلهية في مكنون الغيب من إيقاع العذاب على قوم صالح وأن ذلك سوف يتم بعد ثلاثة أيام، فكان قد وقع ما وعد به قومَه.

النموذج الخامس: قوله تعالى في سورة آل عمران حكاية عمَّا وقع لزكريا (ع) ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾(15).

وهذا نموذج آخر يكشف عن إطلاع الله عزَّ وجلَّ بعضَ عباده على مخزون غيبه، فلم يكن يحيى بعدُ، ولم تكن مجاري الأمور مقتضية لأن يُرزق زكريا بولدٍ فجاء الوعد الإلهي ليبشَّر زكريا بولد له من السمات ما يندر أن تتفق لمولود فهو سيدٌ وحصورٌ ونبيٌّ من الصالحين.

النموذج السادس: وسوف نشير فيه إلى الآيات المعبِّرة عن علم رسول الله محمد (ص) بالكثير من المغيبات.

الآية الأولى: قوله تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا﴾(16).

فالآية تكشف للنبي (ص) تفاصيلَ أمرٍ كان في علم الغيب ثم أنجز اللهُ تعالى لنبيِّه (ص) ما وعده فدخل المسلمون مكة محلِّقين ومقصِّرين ثم منحهم فتحًا قريبا.

الآية الثانية: ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ / فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ / فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ / بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ / وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾(17).

الآية الثالثة: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾(18).

الآية الرابعة: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾(19).

الآية الخامسة: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى / أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى / وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى / عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى / عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى / إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى / مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى / لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾(20).

هذه بعض الآيات المعبِّرة عن إطلاع الله تعالى نبيه على غيبه فيكون النبي (ص) عالمًا بهذه المغيبات، فالآية الثانية تكشف عن أنَّ حدثًا تمَّ تحديد بعض تفاصيله سوف يقع في مستقبل الزمان وأن الروم سوف تكون لها الغلبة وأن ذلك سيكون بعد بضع سنين.

وأما الآية الثالثة فهي وعد بالظفر في قضية مشخَّصة ومحددة أعني واقعة بدر حيث وعد الله المسلمين إما بالإستيلاء على القافلة أو الانتصار على قريش وقد أنجز الله وعده لهم فكانت لهم الغلبة على قريش. فرغم أن المقاييس المادية تقتضي استبعاد أن يكون النصر حليف المسلمين نظرًا لضعفهم وقلتهم، فنتيجة المعركة لم تكن محسومة قبل وقوعها إلا أن النبي (ص) وعد المسلمين بالنصر والظفر، وذلك صريح في إطّلاعه على ما ادخره الله لهم في مكنون الغيب.

ولا يصح أن يقال أن النبي (ص) إنما وعدهم بذلك تحفيزًا لهم، إذ أن ذلك لا يناسب نسبة الوعد إلى الله تعالى خصوصًا وأن الوعد كان في قضية شخصية.

أما الآية الرابعة فهي تكشف عن سرائر قوم من المسلمين بعد تشخيصهم وتحديد هويتهم بقوله: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا﴾. فهي تعبِّر بنحو البتِّ والقطع عما انطوت عليه ضمائرهم رغم أن ظاهر حالهم الصلاح ورغم أن عملهم فيما يبدو لغير العارف بالغيب من الأعمال القربية. فالآية جاءت لتكشف تفصيلاً عن مقاصدهم والتي لا يحيط بها إلا من يعلم السرَّ وأخفى، فعلم الرسول (ص) بمقاصدهم علم بالغيب.

وقد نبأ الله نبيَّه عن الكثير من واقع سرائر المنافقين وتصدت الكثير من الآيات في سورة التوبة وسورة المنافقون لذلك، فالنبي (ص) كان عارفًا بواقع ما انطوت عليه ضمائر المنافقين، وهو علم بالغيب.

وأما الآية الخامسة فهي من أجلى ما يعبِّر عن علم رسول الله (ص) بالغيب، فالوحي والملائكة وجبرئيل وسدرة المنتهى وجنة المأوى والآيات الكبرى والملكوت كلُّ ذلك من مكنون الغيب وقد أراهُ الله نبيَّه (ص) وعرَّفه به فكان عالمًا بتفاصيله حيث عبَر في معراجه السماواتِ والتقى الملائكةَ والأنبياء وشاهد سدرة المنتهى وليس ذلك مورد نزاعٍ بين المسلمين قاطبة.

على أنَّ الآيات التي تصدَّت للإخبار عن تفاصيل ما سيقع يوم القيامة وأنَّه ثمة صراط وميزان وأن الناس يحشرون على أحوال شتى وتُعرض عليهم صحائفهم وأن ذلك يوم مقداره خمسون ألف سنة وأن ثمة جنة لها سبعة أبواب وفيها من الأنهار والثمار والحور والولدان والأرائك والأباريق والشراب، وثمة نار لها شهيق وزفير عليها ملائكة غلاظ شداد يسقى أهلها من الحميم ويأكلون من شجر من زقوم طلعها كأنه رؤوس الشياطين وكلما نضجت جلودهم أبدلهم ربُّهم جلودًا غيرها فلا يقضى عليهم فيموتوا فهم في العذاب خالدون.

أليس كل ذلك من علم الغيب وكان رسول الله (ص) عالمًا بدقائقه وتفاصيله أو لم يخبرنا بأن الجبال سوف ينسفها ربُّه نسفًا وأن الأرض سيُزلزلُ زلزالها وستُخرج أثقالَها وأنَّ السماء ستنفطر وأنَّ الكواكب ستنتثر وأن النجوم ستنكدر وأن الشمس ستُكوَّر والقبور تُبعثر، أليس كلُّ ذلك في مكنون الغيب؟!

ألم يحكِ لنا رسول الله (ص) أنه ما من شيء إلا وهو يسبِّح بحمده، وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرَّطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون، ألم يحكِ عن ألسماء ومبدأ خلقها ومبدأ خلق الإنسان ومراحل نشأته وأخبرنا عن العرش واللوح المحفوظ وعن الجنِّ ومما خُلقوا والملائكة وأن لهم أجنحة مثنى وثلاث ورباع أليس كل ذلك من علم الغيب وكان رسول الله (ص) عالمًا به.

قال تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ﴾ فأخبار الماضين كان غيبًا وأحكام الله الواقعية التي أَطلع اللهُ رسولَه عليها كان غيبًا وحديث القبر والبرزخ والبعث والحوض كان غيبًا والإخبار عن دخول أبي لهب وزجته جهنم كان غيبًا.

هذا بعض ما يتصل بالقرآن وبعض ما اشتمل عليه من الإخبار بالمغيبات، وأما ما ورد في السنة الشريفة فإننا لا نروم بيانه في المقام وهو لسعته وتشعُّب تفاصيله يعسر استقصاؤه إلا أن تناوله ميسور، فلن يجد من أراد الوقوف على دلالات علم رسول الله (ص) بالمغيَّبات صعوبة تُذكر.

وبما ذكرناه في الأمر الأول ننتهي إلى هذه النتيجة وهو أن الله تعالى قد يصطفي من عباده من يُطلعه على شيءٍ من غيبه، وأن الأنبياء قد يعرِّفون الناس بشيء مما علموه من الغيب.

الأمر الثاني: نعالج فيه ما يُثار من شبهة، وهي أن الكثير من الآيات أفادت أن علم الغيب من مختصات الله جلَّ وعلا وأنه لم يُطلع عليه من أحدٍ، وأن الأنبياء كانوا يؤكدون عدم علمهم بالغيب وهذه بعض الآيات الدالة على ذلك:

الآية الأولى: ﴿قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إَِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾(21).

الآية الثانية: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾(22).

الآية الثالثة: ﴿فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ﴾(23).

الآية الرابعة: ﴿قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ﴾(24).

الآية الخامسة: ﴿وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾(25).

هذه بعض الآيات المعبِّرة عن اختصاص علم الغيب بالله جلَّ وعلا وأن الأنبياء لم يكونوا على علم بالغيب فضلاً عن غيرهم.

والجواب عن هذه الشبهة

أنَّه لا يصحُّ النظر في دلالة هذه الآيات المباركات بقطع النظر عمَّا ذكرناه من آيات في الأمر الأول وبقطع النظر عن مثل قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ﴾(26).

وقوله تعالى: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (27).

وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾(28).

وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾(29).

وقوله تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا / إِلا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾(30).

وقوله تعالى: ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾(31). وقد اتفقوا على أنَّ الضمير عائد على النبيِّ محمد (ص) أو الأمين جبرئيل (ع).

فلا بدَّ إذن من ملاحظة مجموع الآيات، إذ ليس من الإنصاف وأصول البحث اجتزاء الخطاب والتمسُّك ببعضه والإعراض عن البعض الآخر، إذ أن الغرض هو الوصول إلى مراد المتكلم، وذلك غير متاح عندما يتم إغفال بعض كلامه، ولا يرضى العقلاء وأهل المحاورة بمساءلتهم والاحتجاج عليهم بجزءِ خطابهم إذا كان لتمامه أثر في بيان المراد.

وبناءً على ذلك لو لاحظنا مجموع الآيات لانتهينا إلى هذه النتيجة وأنَّ الله عزَّ وجلَّ وحده الذي يعلم بالغيب دون تعليم وأن علمه به ذاتي له وأنه محيط بالغيب كلِّ الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والأرض، إلا أنه قد يُطلِع على غيبه بعض عباده فيكون علمهم بالغيب اكتسابيًا.

هذه هي النتيجة المناسبة لمقتضى الفهم العرفي عند ملاحظته لمجموع الآيات التي نقلناها، فالعرف عندما يقف على هاتين الآيتين مثلاً وهما قوله تعالى: ﴿قُل لا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ﴾، وقوله تعالى: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ﴾، عندما يقف العرف على هاتين الآيتين يُذعن بأنَّ الحصر واختصاص علم الغيب بالله تعالى بمقتضى مفاد الآية الأولى وعلم النبي (ص) بأنباء الغيب بواسطة الوحي بمقتضى مفاد الآية الثانية لا يمكن الجمع بينهما إلا بالنحو الذي ذكرناه وهو أنَّ علم الغيب الذاتي والمطلق لا يكون إلا لله تعالى وأن علم النبي (ص) بالغيب إنما هو بالاكتساب وهو مفاد قوله تعالى: ﴿نُوحِيهَا إِلَيْكَ﴾، فليس بين مفادي الآيتين أدنى تنافٍ بل إن بينهما تمام الانسجام، فالآية الأولى تنفي العلم المطلق والذاتي للغيب عن غير الله تعالى والثانية تثبت علم الغيب الاكتسابي للنبي (ص) بل وإلى قومه. حيث إن النبي (ص) كان قد أطلع قومه على بعض ما أوحاه إليه ربه وهكذا ينسحب الكلام على بقية الآيات التي تمسَّك بها مثير الشبهة.

فالآية الثانية تعبِّر عن إحاطته تعالى بدقائق علم الغيب وتفاصيله، وذلك لا ينافي اطْلاع بعض عباد الله تعالى على شيءٍ من الغيب حينما يمنحهم الله تعالى ذلك، وأمَّا الآية الثالثة والرابعة والتي ينفي فيهما النبي علمه بالغيب فمفادهما بمقتضى الجمع بينهما وبين الآيات التي أفادت أنَّ الله قد أوحى له من أنباء الغيب هو أنَّ النبي لا يعلم بالغيب ابتداء كما أنه لا يحيط به وأنه لا يُتاح له العلم بالغيب إذا لم يُطْلعه الله تعالى عليه، لذلك فقد يَمسُّه السوء وقد يفوته شيء من الخير الذي لو كان محيطًا بالغيب لاستكثر منه.

إذن فما تنفيه الآية الثالثة والرابعة غير ماتُثبته الآيات الأخرى كقوله تعالى: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ﴾، وقوله تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ﴾(32).

فالنفي في الآيتين إنَّما هو للعلم الذاتي والمطلق للغيب، والإثبات في الآيات الأخرى هو للعلم الاكتسابي للغيب والذي يتحدد بحدود ما يكشفه الله لمن ارتضاه من مكنون غيبه.

على أنَّه لو لم تكن جدلاً ثمة آيات صريحة في علم الأنبياء بالغيب لكان اللازم هو التسليم بعلمهم الاكتسابي بالغيب، فالنبي محمد (ص) مثلاً كان يُخبر عن الله تعالى وكان يخبر عن أن ملكًا يأتيه فيوحي إليه من عند ربِّه، وكان يُخبر عن يوم المعاد وعمَّا سيسبقه وعن ما سيليه من وقائع، وكان يخبر عن مصائر وأحوال وأقوام قد مضوا وآخرين لم يُخلقوا، كل ذلك من علم الغيب ونحن مكلَّفون بتصديقه والإذعان بصحة ما يُخبر به، فالقول بعدم علم النبي (ص) بالغيب يساوق التكذيب بنبوَّته وأنه يخبر بما لا يعلم، وقد قال الله تعالى في وصفه: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾(33). فالوحي بكل ما تضمَّن كان من مكنون الغيب وبواسطة الغيب.

فإذا ثبت أنه لا محذور في أن يطَّلع بعض عباد الله على الغيب إذا ارتضاه الله لذلك ينتفي ما يسوِّقه البعض من تهريجٍ على الشيعة وأنهم ينسبون للأئمة ما قد اختص الله تعالى به، إذ أن ما ذكرناه وبيَّناه يقتضي الإذعان بصوابية ما عليه الشيعة من أن الذي كان قد اختص الله به إنما هو العلم الذاتي والمطلق للغيب، وأما العلم الاكتسابي للغيب فهو من شأن الإنسان ولا يليق بساحته تعالى ولا شيء أدلُّ على الإمكان من الوقوع الذي ثبت للأنبياء والأولياء كالسيدة مريم وزوجة إبراهيم والخضر كما في سورة الكهف .. وغيرهم.

بقي البحث عن دعوى أنَّ لأئمة أهل البيت (ع) علماً اكتسابياً بالغيب، ويمكن إثبات ذلك من طرق ثلاثة:

الطريق الأول: هو ما أخبر به النبيُّ (ص) من مغيبات وعلم بها أهل البيت (ع)، وسنقتصر في هذا الطريق بنقل ما ورد من طرق العامة، وهو كثير يفوق حدَّ التواتر الإجمالي، ولذلك سوف نكتفي بإيراد شيء مما ذكروه في مجاميعهم الروائية رعاية للاختصار.

1- إخبار النبي (ص) أن عليًا يُقتل

وردت مجموعة من الروايات تعبِّر عن علم علي (ع) -لإخبار رسول الله (ص) له- بأنه يقتل وأن قتله سيكون بالسيف وأنَّ قاتله سوف يضربه على رأسه فيخضب شيبته من دم رأسه.

منها: ما رواه الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين ج3 / ص142 قال: عن حيان الاسدي سمعت عليًا يقول: قال رسول الله (ص) "أن الأمة ستغدر بك بعدي وأنت تعيش على ملتي وتموت على سنتي من أحبَّك أحبَّني ومن أبغضك أبغضني وأن هذه ستخضب من هذا يعني لحيته من رأسه"(34).

ومنها: ما رواه الحافظ بن عبد البر في الاستيعاب ج2 / ص681 بسنده عن ابن أبي فضالة قال: خرجت مع أبي إلى علي بن أبي طالب بينبع عائدًا له وكان مريضًا ثقيلاً يُخاف عليه، فقال له أبي ما يُقيمك بهذا المنزل لو هلكت لم يلك إلا أعراب جُهينة، فاحتمل إلى المدينة فإن أصابك أجلك وليَك أصحابك وصلّوا عليك، وكان أبو فضالة ممن شهد بدرًا مع النبي (ص)، فقال له علي (ع): لستُ ميتًا من وجعي هذا، إنَّ رسول الله (ص) عهِد إليّ أن لا أموت حتى أؤمر ثم تخضب هذه من هذه يعني لحيته من هامته(35).

ومنها: ما رواه أبو داود الطيالسي ج1 / ص23 بسنده عن زبيد بن وهب قال: جاء رأس الخوارج إلى علي (ع) فقال: اتق الله فإنك ميت فقال: لا والذي خلق الحبَّة وبرأ النسمة ولكني مقتول من ضربة من هذه تخضب هذا وأشار بيده إلى لحيته عهدٌ معهود وقضاءٌ مقضى وقد خاب من افترى"

أقول: روى قريبًا من هذا المعنى ابن عبد البر في الاستيعاب عن الأعمشي عن حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة الحماني ج2 ص470(36).

ومنها: ما رواه المتقي الهندي في كنز العمال عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله (ص) لعلي (ع): "إنك مستخلف مقتول وأن هذه مخضوبة من هذا يعني لحيته من رأسه"(37).

هذه بعض الروايات المعبِّر عن علم علي (ع) لتعليم رسول الله (ص) إياه بتفاصيل مصرعه.

2- قاتل علي (ع) أشقى الناس

وردت مجموعة من الروايات من طرق العامة عن رسول الله (ص) مفادها أن قاتل علي (ع) هو أشقى الناس، وذلك من الغيب وقد علم به علي (ع).

منها: ما رواه الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين ج3 / ص113 بسنده عن أبي سنان الدؤلي أنه عاد عليًا (ع) في شكوىً شكاها قال: فقلت له لقد تخوَّفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه، فقال: لكني والله ما تخوَّفتُ على نفسي منه لأني سمعت رسول الله (ص) الصادق المصدوق يقول: إنك ستُضرب ضربة هاهنا وضربة هاهنا وأشار إلى صدغيه فيسيل دمها حتى تخضب لحيتك ويكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود(38).

ومنها: ما رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج1 / ص135 بسنده عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله (ص) لعلي (ع) من أشقى الأولين قال: عاقر الناقة قال: فمن أشقى الآخرين؟ قال: الله ورسوله أعلم قال (ص): قاتلك".

روى هذا الحديث المتقي الهندي في كنز العمال ج6 / ص398 وقال: أخرجه بن عساكر وذكره الزمخشري في الكشاف والفخر الرازي في كتابه التفسير الكبير، رواه كل منهما في سياق التفسير لقوله تعالى: ﴿هَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ﴾(39).

هذا وقد روى ابن سعد في الطبقات بسنده عن عبيد الله ما يقرب من معنى هذه الرواية. وروى الثعلبي أيضًا في قصص الأنبياء ص100 بسنده عن الضحاك بن مزاحم ما يقارب هذا المعنى.

ومنها: ما رواه بن الأثير في أسد الغابة بسنده عن صهيب قال: قال علي (ع) قال لي رسول الله (ص) من أشقى الأولين؟ قلت: عاقر الناقة قال: صدقت قال فمن أشقى الآخرين قلت لا علم لي يا رسول الله قال: الذي يضربك على هذا وأشار بيده إلى يا فوخه، وكان يقول وددت أنه قد انبعث أشقاكم مخضب هذه من هذه، يعني لحيته من دم رأسه".

ذكر هذا الحديث ابن عبد البر في الإستيعاب ج2 / ص407 وذكره ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري في شرح صحيح البخاري وأفاد أنه أخرجه أبو يعلى باسنادين وعند البزاز بإسناد جيد. ج8 / ص76 كما ذكر هذا الحديث المحب الطبري في الرياض النضرة وقال: أخرجه أبو حاتم والملا في سيرته ج2 / ص248، وذكر المتقي الهندي في كنز العمال وقال أخرجه ابن عساكر ج6 / ص400.

ومنها: ما رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص80 أن عليًا (ع) سُئل وهو على المنبر في الكوفة عن قوله تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ﴾(40).

فقال: اللهم غفرًا هذه الآية نزلت فيَّ وفي عمي حمزة وفي ابن عمي عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، فأما عبيدة فإنه قضى نحبه يوم بدر وأما عمي حمزة فإنه قضى نحبه شهيدًا يوم أحد وأما أنا فأنتظر أشقاها يخضب هذه من هذا وأشار إلى لحيته ورأسه عهدًا عهده إليَّ حبيبي أبو القاسم (ص).

أقول روى هذا الحديث الشبلنجي في نور الأبصار ص97.

ومنها: ما رواه المتقي الهندي في كنز العمال وقال: قد أخرجه عبد حميد وابن عساكر عن علي (ع) قال: أخبرني الصادق المصدوق إني لا أموت حتى أُضرب على هذه وأشار إلى مقدم رأسه الأيسر فتُخضب هذه منها بدم وأخذ بلحيته وقال: يقتلك أشقى هذه الأمة كما عقر ناقة الله أشقى ابني فلان من ثمود فنسبه رسول الله (ص) إلى فخده الدنيا دون ثمود".

ومنها: ما رواه النسائي في الخصائص ص39 ورواه الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين بسند عن عمار بن ياسر.

قال: كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة إلى أن قال: قال رسول الله (ص) ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا بلى يا رسول الله (ص) قال: احيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك على هذه ووضع يده على قرنه حتى يبل منهما هذه وأخذ بلحيته.

أقول: روى هذا الحديث الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين ج4 / ص140 والطحاوي في مشكل الآثار ج1 / ص351 وابن جرير الطبري في تاريخه بطريقين ج2 / ص123 والمتقي الهندي في كنز العمال ج6 / ص399 وقال أخرجه البغوي والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم وابن عساكر وابن النجار.

3- علي يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين

وردت مجموعة من الروايات من طرق السنة ومفادها أن رسول الله (ص) أخبر عليًا بأنه يقاتل بعده الناكثين والقاسطين والمارقين واشتملت هذه الروايات على بعض تفاصيل ما سيقع، وكل ذلك من علم الغيب علِم به علي (ع) لإعلام رسول الله (ص) له.

منها: ما رواه الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين بسنده عن الأصبغ بن نباته عن أبي أيوب الأنصاري قال: سمعت النبي (ص) يقول لعلي بن أبي طالب (ع) "تقاتل الناكثين والقاسطين بالطرقات والنهروانات وبالسعفات، قال: أبو أيوب قلت يا رسول الله مع من نقاتل هؤلاء الأقوام قال: مع علي بن أبي طالب. ج3 / ص139.

ومنها: ما رواه الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين بسنده عن عقاب بن ثعلبة حدثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب قال: أمر رسول الله (ص) علي بن أبي طالب (ع) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين" ج3 / ص139.

ومنها: ما رواه المتقي الهندي في كنز العمال عن ابن مسعود قال خرج رسول الله (ص) فأتى منزل أم سلمه فجاء علي (ع) فقال رسول الله (ص): "يا أم سلمه هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين بعدي" قال أخرجه الحاكم في الأربعين وابن عساكر ج6 / ص319.

ورواه المحب الطبري في الرياض النضرة وقال أخرجه الحاكمي ج2 / ص240.

ومنها: ما رواه الهيثمي في مجمع الزوائد قال: وعن مخنف بن سليم قال أتينا أبا أيوب الأنصاري وهو يعلف خيلاً له بصنعاء فقِلنا عنده، فقلت يا أبا أيوب قاتلت المشركين مع رسول الله (ص) ثم جئت تقاتل المسلمين؟ قال: كان رسول الله أمرني بقتال ثلاثة، الناكثين والقاسطين والمارقين، فقد قاتلت الناكثين وقاتلت القاسطين وأنا مقاتل إن شاء الله المارقين بالسعفات بالطرقات بالنهروانات وما أدري أين هم. قال رواه الطبراني ج9 / ص235.

أقول: أورد الهيثمي روايات أخرى تعطي نفس المضمون عن عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وعلي بن أبي طالب وأفاد أنه رواها البزاز والطبراني في الأوسط راجع ج7 / ص235- 238.

ومنها: ما رواه ابن الأثير في أسد الغابة بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: أمرنا رسول الله (ص) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين فقلنا أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من؟ فقال: مع علي بن أبي طالب معه يقتل عمار بن ياسر ج4 / ص32.

هذا وقد وردت روايات كثيرة بما يقارب هذه المضامين في أسد الغابة والدر المنثور للسيوطي وكنز العمال عن البزاز وأبي يعلى والحاكم في الأربعين وابن عساكر من طرق وابن عدي في الكامل وعبد الغني بن سعيد في إيضاح الإشكال والأصبهاني في الحجة.

4- النبي (ص) يخبر بقتال الزبير وعائشة لعلي (ع)

وردت روايات كثيرة من طرق العامة مفادها أن رسول الله (ص) أخبر بقتال الزبير وعائشة لعلي (ع) وقد اشتملت على تفاصيل بعض ما سيقع، وهي من أنباء الغيب علم بها علي (ع)

منها: ما رواه الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين بسنده عن أبي الأسود الدئلي قال: شهدت الزبير خرج يريد عليًا فقال له علي (ع) أنشدك الله هل سمعت رسول الله (ص) يقول: تقاتله وأنت له ظالم فقال: لم أذكر يعني أنه نسي ثم مضى الزبير منصرفًا قال الحاكم: هذا حديث صحيح.

ومنها: ما رواه الحاكم النيسابوري أيضًا في مستدرك الصحيحين بسنده عن أبي الأسود الدئلي قال شهدت عليًا (ع) والزبير لما رجع على دابته يشق الصفوف فعرض له ابنه عبد الله فقال: مالك؟ فقال: ذكر لي عليٌ حديثًا سمعته من رسول الله (ص) يقول لتقاتلنه وأنت ظالم له فلا أقاتله .."

قال الحاكم: وقد روي إقرار الزبير لعلي (ع) بذلك من غير هذه الوجوه والروايات.

ومنها: ما رواه ابن حجر في الإصابة قال: روى أبو يعلى من طريق أبي جرو المازني قال: شهدت عليًا (ع) والزبير توافيا يوم الجمل فقال له علي (ع) أنشدك الله أسمعت رسول الله (ص) يقول أنك تقاتل عليًا وأنت ظالم له قال: نعم ولم أذكر إلى الآن فانصرف.

روى هذا الحديث الحاكم في المستدرك على الصحيحين بطريقين عن المازني وأورده المتقي الهندي في كنز العمال وقال أخرجه أبو يعلى والعقيلي والبيهقي والدلائل وابن عساكر.

هذا وقد أورد ما يقارب مضمون هذا الحديث ابن حجر في تهذيب التهذيب وابن الأثير في أسد الغابة ج2 / ص199 وابن عبد البر في الاستيعاب ج1 / ص203 وغيرهم من أرباب الحديث.

ومنها: ما رواه الهيثمي في مجمع الزوائد قال: وعن ابن عباس قال: قال رسول (ص) لنسائه: ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب فتنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها وعن يسارها كثير ثم تنجو بعد ما كادت" ج7 / ص234.

قال: رواه البزاز ورجاله ثقات وذكر ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري ج16 / ص165 وقال: رواه البزاز ورجاله ثقات.

ومنها: ما رواه ابن عبد البر في الاستيعاب ج2 / ص745 بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص) أيتكن صاحبة الجمل الأدبب يقتل حولها قتلى كثير وتنجو بعد ما كادت"

قال ابن عبد البر: وهذا الحديث من أعلام نبوته (ص).

ومنها: ما رواه أحمد بن حنبل ج2 / ص97 بسنده عن قيس بن أبي حازم أنَّ عائشة قالت: لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب فقالت: ما أظنني إلا راجعة إنَّ رسول الله (ص) قال لنا: أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب فقال لها الزبير: ترجعين عسى الله أن يصلح بك الناس.

روى هذا الحديث الهيثمي في مجمع الزوائد ج7 / ص234 قال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزاز ورجال أحمد رجال الصحيح.

ومنها: ما رواه الحاكم النيسابوري بسنده عن قيس بن أبي حازم قال: لما بلغت عائشة بعض ديار بني عامر نبحت عليها الكلاب فقالت: أي ما هذا؟ قالوا: الحوأب، فقالت ما أظنني إلا راجعة فقال الزبير: لا بعد تقدمي ويراك الناس ويصلح الله ذات بينهم، قالت: ما أظنني إلا راجعة سمعت رسول الله (ص) يقول: كيف بإحداكن إذا نبحت عليها كلاب الحوأب".

قال ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري ج16 / ص165 أخرج هذا أحمد والبزاز وصححه ابن حبان والحاكم وسنده على شرط الصحيح.

ومنها: ما رواه المتقي الهندي في كنز العمال ج6 / ص84 قال: عن طاووس أن رسول الله (ص) قال لنسائه: أيتكن تنبحها كلاب كذا وكذا؟ إياك يا حميراء، قال أخرجه نعيم بن حماد في الفتن وقال وسنده صحيح.

5- علي (ع) يقاتل على تأويل القرآن

هذه طائفة أخرى من الروايات الواردة عن الرسول (ص) من طرق العامة مفادها أن علي بن أبي طالب سيقاتل بعد رسول الله (ص) على التأويل كما قاتل رسول الله (ص) على التنزيل، وذلك من أنباء الغيب صدع به رسول الله (ص) وعلمه علي (ع).

منها: ما رواه الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين بطريقين عن أبي سعيد الخدري قال: كنا مع رسول الله (ص) فانقطعت نعله فتخلَّف علي (ع) يخصفها فمشى قليلاً ثم قال: إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فاستشرف لها القوم وفيهم أبو بكر وعمر، قال أبو بكر: أنا هو؟ قال: لا، قال: أنا هو؟ قال: لا ولكن خاصف النعل يعني عليًا فأتيناه فبشرناه فلم يرفع رأسه كأنه قد كان سمعه من رسول الله (ص)".

قال الحاكم النيسابوري: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج5 / ص186 عن أبي سعيد الخدري بتفاوت قليل وقال: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح، وذكره المحب الطبري أيضًا في الرياض النضرة ج2 / ص192 وقال أخرجه أبو حاتم.

ومنها: ما رواه المتقي الهندي في كنز العمال ج6 / ص391 قال: عن أبي سعيد الخدري قال: كنا جلوسًا في المسجد فخرج رسول الله (ص) فجلس إلينا وكأن على رؤسنا الطير لا يتكلم منا أحد، قال إن منكم رجلاً يقاتل الناس على التأويل كما قاتلتم على تنزيله، فقام أبو بكر فقال: أنا هو يا رسول الله (ص)؟ قال: لا، فقام عمر فقال: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا ولكنه خاصف النعل في الحجرة، فخرج علينا علي (ع) ومعه نعل رسول الله (ص) يصلح"

قال: أخرجه ابن أبي شيبه واحمد بن حنبل في مسنده وأبو يعلى في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاتم في مستدركه وأبو نعيم في حليته وسعيد بن منصور في سننه.

ومنها: ما رواه ابن حجر في الإصابة ج1 / القسم1 / 22 بسنده عن الأخضر بن أبي الأخضر عن النبي (ص) قال: أنا أقاتل على تنزيل القرآن وعلي يقاتل على تأويله".

روى هذا الحديث المتقي الهندي في كنز العمال ج6 / ص155 وقال أخرجه الدار قطني في الأفراد.

ومنها: ما رواه ابن الأثير في أسد الغابة ج3 / ص282 قال: روى السري بن إسماعيل عن عامر الشعبي عن عبد الرحمن بن بشير قال: كنا جلوسًا عند النبي (ص) إذ قال: ليضربنكم رجل على تأويل القرآن كما ضربتكم على تنزيله، فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، قال: عمر: أنا هو؟ قال: لا ولكن خاصف النعل وكان علي (ع) يخصف نعل رسول الله (ص).

6- عمار تقتله الفئة الباغية

وردت روايات كثيرة تفوق حدَّ التواتر مفادها أن عمار بن ياسر تقتله الفئة الباغية وهي من أنباء الغيب علم بها علي (ع) والكثير من الصحابة.

منها: ما رواه البخاري في صحيحه بسنده عن عكرمة قال: قال لي ابن عباس ولابنه علي انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو في حائط فأخذ رداءه فاحتبى ثم أنشأ يحدثنا حتى أتا ذكر بناء المسجد فقال كنا نحمله لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين فرآه النبي (ص) فينفض التراب عنه ويقول: ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار.

ومنها: ما رواه مسلم في صحيحه بطرق عديدة عن أم سلمة أن رسول الله (ص) قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية.

ومنها: ما رواه الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين بسنده عن خالد العرني قال: دخلت أنا وأبو سعيد الخدري على حذيفة فقلنا يا أبا عبد الله حدثنا ما سمعت من رسول الله (ص) في الفتنة قال حذيفة: قال رسول الله (ص) دوروا مع كتاب الله حيثما دار فقلنا فإذا اختلف الناس فمع من نكون؟ فقال: انظروا الفئة التي فيها ابن سمية فالزموها فإنه يدور مع كتاب الله، قلت ومن ابن سميَّة؟ قال: أو ما تعرفه؟ قلت بيِّنه لي قال: عمار بن ياسر، سمعت رسول الله (ص) يقول لعمار: يا أبا اليقظان لن تموت حتى تقتلك الفئة الباغية عن الطريق.

قال الحاكم النيسابوري هذا حديث له طرق بأسانيد صحيحه.

ومنها: ما رواه الخطيب البغدادي ج13 / ص186 بسنده عن علقمة والأسود قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين وساق الحديث إلى أن قال: وسمعت رسول الله (ص) يقول لعمار: يا عمار تقتلك الفئة الباغية وأنت ذاك مع الحق والحق معك يا عمار بن ياسر إن رأيت عليًا سلك واديًا وسلك الناس واديًا غيره فاسلك مع علي فإنه لن يدليك في سدى ولن يخرجك من هدى الحديث.

روى هذا الحديث المتقي الهندي في كنز العمال ج6 / ص155 وقال فيه "لن يدليك على ردى ولن يخرجك من الهدى قال أخرجه الدليمي عن عمار ياسر وعن أبي أيوب.

ومنها: ما رواه الهيثمي في مجمع الزوائد عن سيار أبي الحكم قال: قالت بنو عبس لحذيفة أن أمير المؤمنين عثمان قد قتل فما تأمرنا؟ قال: آمركم أن تلزموا عمارًا، قالوا: إن عمارًا لا يفارق عليًا، قال: إن الحسد أهلك الجسد وإنما ينفركم من عمار قربه من علي (ع) فو الله لعلي أفضل من عمار أبعد ما بين التراب والسحاب وأن عمارًا لمن الأحباب وهو يعلم إنهم إن لزموا عمارًا كانوا مع علي (ع).

قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات.

7- النبي (ص) يصف الخوارج ويحرِّض على قتالهم

وردت روايات من طرق العامة عن رسول الله (ص) وهي تفوق حدَّ التواتر مفادها مروق طائفة من أمته عن الدين ثم تصدَّت لبيان بعض العلائم والصفات التي تعرف هذه الطائفة ثم أفادت أنهم يخرجون على خير فرقة من الناس وأولاهم بالحق ثم حرَّضت على قتالهم، كل ذلك من علم الغيب علم به علي (ع) لتعليم رسول الله (ص) إياه.

منها: ما رواه البخاري في صحيحه بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن عند رسول الله (ص) وهو يقسم قسمًا، أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله اعدل، فقال: ويلك ومن يعدل إن لم أعدل؟ قد خبتُ وخسرتُ إن لم أكن أعدل، فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه، قال: دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية إلى أن قال: آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر ويخرجون على خير فرقة من الناس، قال أبو سعيد فأشهد إني سمعت هذا الحديث من رسول الله (ص) وأشهد أن علي بن أبي طالب (ع) قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتُمس حتى نظرت إليه على نعت النبي (ص) الذي نعت".

ومنها: ما رواه مسلم في صحيحه في كتاب الزكاة باب التحريض على قتل الخوارج رواه بسنده عن عبيدة عن علي (ع) قال: ذكر الخوارج فقال: فيهم مخدج اليد أو مؤدن اليد أو مثدون اليد لو لا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد (ص)، قلت أنت سمعته من محمد (ص) قال: أي ورب الكعبة".

روى هذا الحديث ابن ماجه في صحيحه في باب ذكر الخوارج ورواه أبو داود في صحيحه في باب قتال الخوارج ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ج1 / ص78 بطرق عديدة.

ومنها: ما رواه مسلم في صحيحه في باب التحريض على الخوارج بسنده عن زيد بن وهب الجهني أنه كان في الجيش الذي كانوا مع علي (ع) الذين ساروا إلى الخوارج، فقال علي (ع): "أيها الناس إني سمعت رسول الله (ص) يقول: يخرج قوم من أمتي يقرؤن القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء يقرؤن القرآن يحسبون أنهم لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلم الجيش الذي يصيبونهم ما قضى لهم على لسان نبيهم لاتكلوا على العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلاً له عضد وليس له ذراع على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض إلى أن قال: وقُتل بعضهم على بعض، وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان فقال علي (ع) التمسوا فيهم المخدج فالتمسوا فلم يجدوه، فقام علي (ع) بنفسه حتى أتى ناسًا قُتل بعضهم على بعض، قال أخرجوهم فوجدوه مما يلي الأرض فكبر ثم قال: صدق وبلّغ رسوله، قال: فقام إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين الله الذي لا إله إلا هو سمعت هذه الحديث من رسول الله (ص) قال: أي والله الذي لا إله إلا هو حتى استحلفه ثلاثًا وهو يحلف له".

روى هذا الحديث أبو داود في صحيحه في باب قتال الخوارج واحمد بن حنبل في مسنده ج1 / ص91 والبيهقي في مسنده ج8 / ص170 وغيرهم.

ومنها: ما رواه الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين بسنده عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) أتاه مال فجعل يضرب بيده فيه فيعطي يمينًا وشمالاً وفيهم رجل مقلص الثياب ذو سيما بين عينيه أثر السجود، فجعل رسول الله (ص) يضرب بيده يمينًا وشمالاً حتى نفد المال، فلما نفد المال ولَّى مدبرًا وقال: والله ما عدلت منذ اليوم، قال: فجعل رسول الله (ص) يقلب كفه ويقول: إذا لم أعدل فمن يعدل بعدي: أما أنه ستمرق مارقة يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ثم لا يعودون إليه حتى يرجع السهم على فوقه يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم يحسنون القول ويسيئون الفعل، فمن لقيهم فليقاتلهم فمن قتلهم فله أفضل الأجر ومن قتلوه فله أفضل الشهادة هم شر البرية برء الله منهم يقتلهم أولى الطائفتين بالحق".

قال الحاكم النيسابوري هذا حديث صحيح.

ومنها: ما رواه أبو داود في صحيحه بسنده عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (ص) تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق.

8- فتن تقع وميزان الحق علي وعمار

وردت روايات من طرق العامة مستفضة أو تفوق حدَّ الاستفاضة مفادها أن النبي (ص) أخبر بوقوع فتنة يذهب فيها الناس يمينًا وشمالاً وأفادت أن من أراد التزام جانب الحق والهدى فليلتزم الطريق الذي يسلكه علي بن أبي طالب (ع) وعمار بن ياسر.

منها: ما رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد بسنده عن علقمة والأسود قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين وساق الحديث إلى أن قال: وسمعت رسول الله (ص) يقول لعمار: يا عمار تقتلك الفئة الباغية وأنت ذاك من الحق والحق معك يا عمار بن ياسر إن رأيت عليًا سلك واديًا وسلك الناس واديًا غيره فاسلك مع علي فإنه لن يدليك في سدى ولن يخرجك من هدى" روى هذا الحديث المتقي الهندي وقال أخرجه الديلمي ج6 / ص155.

ومنها: ما رواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج7 / ص236 عن زيد بن وهب عن حذيفة في الفتنة قال فيه زيد لحذيفة، فقلنا يا أبا عبد الله وان ذلك لكائن؟ فقال بعض أصحابه يا أبا عبد الله فكيف نصنع إن أدركنا ذلك؟ قال: انظروا الفرقة التي تدعو إلى أمر علي (ع) فالزموها فإنها على الهدى".

قال الهيثمي: رواه البزار ورجاله ثقات

ومنها: ما رواه ابن الأثير في أسد الغابة ج5 / ص287 بسنده عن أبي ليلى الغفاري قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب (ع)، فإنه أول من يراني وأول من يصافحني يوم القيامة وهو الصديق الأكبر وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل وهو يعسوب المؤمنين".

روى هذا الحديث ابن حجر في الإصابة ج7 / ص167 ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب والمتقي الهندي في كنز العمال ج6 / ص155 وقال أخرجه أبو نعيم عن أبي ليلى الغفاري.

ومنها: ما رواه المتقي الهندي في كنز العمال قال عن أبي رافع دخلت على رسول الله (ص) وساق الحديث ثم أخذ بيدي فقال يا أبا رافع سيكون بعدي قوم يقاتلون عليًا، حقًا على الله جهادهم، فمن لم يستطع بيده فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه ليس وراء ذلك شيء".

قال المتقي الهندي أخرج هذا الحديث الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم.

ومنها: ما رواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج7/243 قال: وعن عبد الله يعني ابن مسعود عن النبي (ص) قال: "إذا اختلف الناس فابن سمية مع الحق ابن سمية هو عمار قال: رواه الطبراني.

9- النبي (ص) يخبر فاطمة أنها أول أهل بيته لحوقًا به

ورد عن النبي (ص) بطرق مختلفة ومستفيضة أنه أخبر فاطمة بأنه مقبوض في مرضه وأنها أول أهل بيته لحوقًا به وذلك من أنباء الغيب علمته فاطمة (ع).

منها: ما رواه البخاري في صحيحه في باب علامات النبوة في الإسلام من كتاب بدء الخلق روى بسنده عن عائشة قالت: دعا النبي (ص) فاطمة ابنته في شكواه الذي قبض فيه فسارها بشيء فبكت ثم دعاها فسارها فضحكت، قالت: فسألتها عن ذلك فقالت: سارني النبي وأخبرني أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت ثم سارني فأخبرني إني أول أهل بيته اتبعه فضحكت".

روى البخاري هذا الحديث بطريق آخر في باب مرض النبي (ص) وقال: إني أول أهل بيته يتبعه فضحكت".

ورواه مسلم أيضًا في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة في باب فضائل فاطمة (ع) وقال: "فأخبرني إني أول من يتبعه من أهله فضحكت".

ومنها: ما رواه الترمذي في صحيحه ج2 / ص319 بسنده عن عائشة قالت: ".. فلما مرض النبي (ص) دخلت فاطمة (ع) فأكبت عليه فقبلته ثم رفعت رأسها فبكت ثم أكبت عليه ثم رفعت رأسها فضحكت، فقلت: إن كنت لأظن أن هذه أعقل نسائنا فإذا هي من النساء، فلما توفي النبي (ص) قلت لها: أرأيت حين أكببت على النبي (ص) فرفعت رأسك فبكيت ثم أكببت عليه فرفعت رأسك فضحكت، ما حملك على ذلك؟ قالت: أخبرني أنه ميت في وجعه هذا فبكيت، ثم أخبرني أني أسرع أهله لحوقًا به فذاك حين ضحكت".

روى هذا الحديث الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين ج4 / ص272 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

ورواه البخاري أيضًا في الأدب المفرد في باب قيام الرجل لأخيه ورد فيه "أنك أول أهلي بي لحوقًا فسررت بذلك وأعجبني".

ومنها: ما رواه أبو نعيم في حلية الأولياء ج2 / ص40 بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص) لفاطمة (ع) "أنت أول أهلي لحوقًا بي".

10- بنو أمية يملكون ويمتدُّ ملكهم ألف شهر

وردت روايات من طرق السنة فيها ما هو صحيح السند، ومفاد هذه الروايات هو أن الله عزَّ وجلَّ أخبر نبيه (ص) بما سيئول إليه أمر هذه الأمة وأنه سوف يكون لبني أمية الملك والسلطان عليها وأن ذلك سيمتد ألف شهر وأنبأه أن ليلة القدر خير من ألف شهر يملكون فيها زمام هذه الأمة وأنبأه أن الله عوَّضه عن ذلك بالكوثر، وكل ذلك من علم الغيب علم به أهل البيت (ع) كما تشهد له هذه الروايات التي سننقل شيئًا منها:

1- ما رواه الترمذي في صحيحه ج2 في أبواب تفسير القرآن في سورة القدر، روى بسنده عن القاسم بن الفضل الحمداني عن يوسف بن سعد قال: قام رجل إلى الحسن بن علي (ع) فقال: سوَّدت وجوه المؤمنين أو يا مسوِّد وجوه المؤمنين، فقال: لا تؤنبني رحمك الله فإن النبي (ص) أري بني أمية على منبره فساءه ذلك فنزلت "إنا أعطيناك الكوثر" يا محمد يعني نهرًا في الجنة، ونزلت "إنا أنزلناه في ليلة القدر ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر" يملكها بنو أمية يا محمد، قال: القاسم فعددناها فإذا هي ألف شهر لا يزيد يوم ولا ينقص".

2- ما رواه الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين بسنده عن يوسف بن مازن الراسبي قال: قام رجل إلى الحسن بن علي (ع) فقال: سوَّدت وجوه المؤمنين فقال الحسن: لا تؤنبني رحمك الله فإن رسول الله (ص) قد أري بني أمية يخطبون على منبره رجلاً رجلاً فساءه ذلك فنزلت "إنا أعطيناك الكوثر" نهر في الجنة ونزلت "إنا أنزلناه في ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر" تملكها بنو أمية قال فحسبنا ذلك فإذا هو لا يزيد ولا ينقص"0

قال الحاكم النيسابوري هذا إسناد صحيح وروى بسنده عن سفيان بن الليل الهمداني مثله.

أقول: أورد هذا الحديث ابن جرير في تفسيره ج3 / ص167 والفخر الرازي في تفسير سورة القدر وفي تفسير سورة الكوثر وأوردها السيوطي في الدر المنثور وقال: أخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس وقال: وأخرج الخطيب عن المسيب قال: قال رسول الله (ص) أريت بني أمية يصعدون على منبري فشقَّ ذلك عليّ فأنزل الله إنا أنزلناه في ليلة القدر" إلى آخره.

الشيخ محمد صنقور

1 جمادى الآخرة 1427هـ


1- سورة الجن / 25-26.

2- سورة البقرة / 30.

3- سورة آل عمران / 45-46.

4- سورة آل عمران / 47.

5- سورة آل عمران / 49.

6- سورة الصف / 6.

7- سورة آل عمران / 55.

8- سورة الحجر / 51-53.

9- سورة الحجر / 57-60.

10- سورة هود / 69-71.

11- سورة الذاريات / 31-34.

12- سورة يوسف / 36-37.

13- سورة يوسف / 41.

14- سورة هود / 64-65.

15- سورة آل عمران / 39.

16- سورة الفتح / 27.

17- سورة الروم / 2-6.

18- سورة الأنفال / 7.

19- سورة التوبة / 107.

20- سورة النجم / 11-18.

21- سورة النمل / 65.

22- سورة الأنعام / 59.

23- سورة يونس / 20.

24- سورة الأنعام / 50.

25- سورة الأعراف / 188.

26- سورة آل عمران / 44.

27- سورة هود / 49.

28- سورة يوسف / 102.

29- سورة آل عمران / 179.

30- سورة الجن / 26-27.

31- سورة التكوير / 24.

32- سورة الجن / 26.

33- سورة النجم / 3-4.

34- قال الحاكم النيسابوري الحديث صحيح.

35- وقد روى هذا الحديث أحمد بن حنبل في مسنده ج1 ص102، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة ج2 ص223 وقال أخرجه ابن الضحاك.

36- وكذلك روى أحمد بن حنبل ما يقرب من ذلك بسند عن عبد الله ابن سبع. ج1 ص156.

37- قال أخرجه الطبراني وابن عساكر ج6 ص398.

38- قال الحاكم النيسابوري هذا حديث صحيح على شرط البخاري، هذا وقد روى الحديث البيهقي في السنن الكبرى ج8 ص58، ورواه ابن الأثير في أسد الغابة ج4 ص33 ورواه غيرهم من أئمة الحديث.

39- سورة الأعراف / 73.

40- سورة الأحزاب / 23.