كراهة لبس الخاتم المتَّخذ من الحديد

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

هل يُكره لبس الخاتم المتَّخذ من الحديد في الصلاة؟

الجواب:

نعم المشهور بين الفقهاء كراهة لبس الخاتم المتَّخذ من الحديد أثناء الصلاة بل أدُّعي الإجماع على ذلك([1]) بل إنَّ معقد الإجماع المدَّعى هو كراهة مطلق الاستصحاب لشيء من الحديد أثناء الصلاة لو كان بارزًا فيكرهُ للمصلِّي أنْ يلبس حزامًا -مثلا- فيه حديد إلا أنْ يستره بثيابه أو يلبس سوارًا أو ساعة متَّخذة من الحديد إلا أنْ تكون مستورة بثيابه وهكذا لو كانت أزرار ثيابه من الحديد إلا أنْ تكون غير ظاهرة.

ما استُدلَّ به على كراهة لبس خاتم الحديد:

وكيف كان فقد استُدلَّ على كراهة لبس الخاتم المتَّخذ من الحديد بمثل موثقة عمَّار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في الرجل يُصلِّي وعليه خاتم حديد، قال: لا، ولا يتختَّم به الرجل، فإنَّه من لباس أهل النار"([2]).

وظاهرُ الرواية أنَّ الكراهة لا تختصُّ بحال الصلاة بل هي ثابتة حتى في غير ظرف الصلاة، ومعنى قوله: "فإنَّه من لباس أهل النار" هو أنَّ لبس الحديد أو لبس الخاتم المتَّخذ من الحديد لا يفعله إلا العصاة المستحقِّين للنار، ولعلَّه أراد من ذلك التشديد على كراهة لبس الخاتم المتَّخذ من الحديد، فالرواية وإنْ كانت ظاهرة في الحرمة إلا أنَّ المسألة لمَّا كانت من المسائل التي يعمُّ الابتلاء بها، فلو كان لبسُ خاتم الحديد أو استصحاب الحديد من موانع صحَّة الصلاة أو كان محرَّما تكليفًا لما كان ذلك يخفى كيف والمشهور شهرة عظيمة هو الجواز على كراهة، فهذه القرينة تكفي للبناء على استظهار إرادة الكراهة من الروايات الناهية عن لبس الخاتم المتَّخذ من الحديد مطلقًا وفي الصلاة.

وكذلك استُدلَّ على الكراهة بمعتبرة السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه (ص): "لَا يُصَلِّ الرَّجُلُ وفِي يَدِه خَاتَمُ حَدِيدٍ"([3]).

وثمة رواياتٌ عديدة صالحة للتأييد -للإشكال في سندها- كحديث المناهي الذي رواه الشيخ الصدوق بسنده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) -في حديث المناهي- قال: "نهى رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) عن التختُّم بخاتم صفرٍ أو حديد"([4]).

ومرسلة الصدوق قال: وقال رسولُ الله (صلَّى الله عليه وآله): "لا يُصلِّي الرجل وفي يده خاتم حديد" قال: وقال (عليه السلام): "ما طهَّر اللهُ يدًا فيها حلقةُ حديد"([5]).

والظاهر أنَّ الطهارة المنفيَّة في الرواية هي الطهارة بمعناها اللُّغوي فمعنى: "ما طهَّر اللهُ يدًا فيها حلقةُ حديد" هو أنَّه ما طابت يدٌ اشتملت على حلقةِ حديد ولا تنزَّهت، فكأنَّ الفقرة سِيقت مساق الدعاء على مَن يلبس في يده حلقة حديد، للتعبير عن أنَّه فعلٌ ممقوت.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

24 / شوّال المكرّم / 1442هـ

4 / يونيو / 2021م


[1]- جواهر الكلام -النجفي- ج8 / ص264.

[2]- علل الشرائع -الصدوق- ج2 / ص348، من لا يحضره الفقيه -الصدوق- ج1 / ص253.

[3]- الكافي -الكليني- ج3 / ص404، علل الشرائع -الصدوق- ج2 / ص348.

[4]- من لا يحضره الفقيه -الصدوق-ج4 / ص10.

[5]- من لا يحضره الفقيه -الصدوق- ج1 / ص253.