ختمُ التلاوة بقول: صدقَ اللهُ العليُّ العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
لماذا يلتزم الشيعة بقول: "صدقَ اللهُ العليُّ العظيم" عند ختم التلاوة، فلماذا لا يتم الاقتصار على قول: "صدقَ اللهُ العظيم" كما هو المتعارف عند العامَّة؟
الجواب:
هو من الثناء على الله تعالى بما يستحِق، وقد ورد الثناءُ على الله تعالى بالوصفين مجتمعَين في موضعين من القرآن الكريم، الأول في سورة البقرة عند قوله تعالى: ﴿وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾([1]) والثاني في سورة الشورى عند قوله تعالى: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾([2]).
هذا وقد ورد ذكر الوصفين مجتمعَين في الكثير من الخطب والأذكار والأدعية المأثورة عن الرسول (ص) وأهل بيته (ع) حتى لا تكاد تجدُ نعته جلَّ وعلا في شيءٍ من الأذكار بوصفِ العليِّ إلا وجاء نعتُه بالعظيم رديفاً له.
فمن ذلك: صحيحة حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) يَقُولُ: "مَنْ قَالَ: مَا شَاءَ اللَّه كَانَ لَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه (الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ) مِائَةَ مَرَّةٍ حِينَ يُصَلِّي الْفَجْرَ لَمْ يَرَ يَوْمَه ذَلِكَ شَيْئاً يَكْرَهُه"([3]).
ومنه: صحيحة زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: "إِذَا أَدْرَكْتَ الرَّجُلَ عِنْدَ النَّزْعِ فَلَقِّنْه كَلِمَاتِ الْفَرَجِ: لَا إِلَه إِلَّا اللَّه الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه (الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ) سُبْحَانَ اللَّه رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ورَبِّ الأَرَضِينَ السَّبْعِ ومَا فِيهِنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ ومَا تَحْتَهُنَّ ورَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ والْحَمْدُ لِلَّه رَبِّ الْعَالَمِينَ .."([4]).
ومنه: معتبرة السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه (ص) مَنْ ظَهَرَتْ عَلَيْه النِّعْمَةُ فَلْيُكْثِرْ ذِكْرَ الْحَمْدُ لِلَّه، ومَنْ كَثُرَتْ هُمُومُه فَعَلَيْه بِالاسْتِغْفَارِ، ومَنْ أَلَحَّ عَلَيْه الْفَقْرُ فَلْيُكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه (الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ)، يَنْفِي عَنْه الْفَقْرَ"([5]).
ومنه: رواية جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّه (ص) مَنْ قَالَ: بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه (الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَفَاه اللَّه عَزَّ وجَلَّ تِسْعَةً وتِسْعِينَ نَوْعاً مِنْ أَنْوَاعِ الْبَلَاءِ أَيْسَرُهُنَّ الْخَنْقُ"([6]).
ومنه: موثقة سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: "إِذَا صَلَّيْتَ الْغَدَاةَ والْمَغْرِبَ فَقُلْ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه (الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ) سَبْعَ مَرَّاتٍ فَإِنَّه مَنْ قَالَهَا لَمْ يُصِبْه جُنُونٌ ولَا جُذَامٌ ولَا بَرَصٌ ولَا سَبْعُونَ نَوْعاً مِنْ أَنْوَاعِ الْبَلَاءِ"([7]).
ومنه: صحيحة إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ أَبْطَأَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (ص) عَنْه ثُمَّ أَتَاه فَقَالَ لَه رَسُولُ اللَّه (ص): مَا أَبْطَأَ بِكَ عَنَّا؟ فَقَالَ: السُّقْمُ والْفَقْرُ فَقَالَ لَه: أفَلَا أُعَلِّمُكَ دُعَاءً يَذْهَبُ اللَّه عَنْكَ بِالسُّقْمِ والْفَقْرِ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّه فَقَالَ: قُلْ لَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه (الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ) تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ والْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً ولَا وَلَداً ولَمْ يَكُنْ لَه شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ولَمْ يَكُنْ لَه وَلِيُّ مِنْ الذُّلِّ وكَبِّرْه تَكْبِيراً" قَالَ: فَمَا لَبِثَ أَنْ عَادَ إِلَى النَّبِيِّ (ص) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه قَدْ أَذْهَبَ اللَّه عَنِّي السُّقْمَ والْفَقْرَ"([8]).
والروايات في الجمع بين وصفي العليِّ العظيم في الأذكار والأدعية كثيرة جدَّا، ومنه يتضح منشأ التزامنا بقول: "صدقَ اللهُ العليُّ العظيم" عند ختم التلاوة لشيءٍ من القرآن الكريم.
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
15 / ذو الحجة / 1442هـ
26 / يوليو / 2021م
[1]- سورة البقرة / 255.
[2]- سورة الشورى / 4.
[3]- الكافي -الكليني- ج2 / ص530.
[4]- الكافي -الكليني- ج3 / ص122.
[5]- الكافي -الكليني- ج8 / ص93.
[6]- الكافي -الكليني- ج8 / ص109.
[7]- الكافي -الكليني- ج2 / ص531.
[8]- الكافي -الكليني- ج2 / ص551.