الحجرات: سورة الأخلاق والآداب 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، اللهم أنت الأولُ فلا شيءَ قبلك، وأنتَ الآخِرُ الذي لا يَهلك، وأنت الحيُّ الذي لا يموت، والخالقُ الذي لا يَعجز، وأنتَ البصيرُ الذي لا يَرتابُ، والقاهرُ الذي لا يُغلَب، والقادرُ لا يُضام، والغافرُ الذي لا يَظلِم، والقيُّومُ الذي لا يَنام والمُجيبُ لا يَسأم، والعظيمُ الذي لا يُوصف، والعدلُ لا يَحيف، والغنيُّ لا يَفتقِر، سبحانك لا إله إلا أنتَ بديعُ السماواتِ والأرضِ ذو الجلالِ والإكرامِ عالمُ الغيبِ والشهادةِ الرحمنُ الرحيمُ. وَأَشْهَدُ أَن لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً (ص) عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

عبادَ اللهِ أُوصيكم ونفسي بتقوى الله، فَالْمُتَّقُونَ هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ، مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ ومَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ، ومَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ، غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، ووَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ، عَظُمَ الْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَه فِي أَعْيُنِهِمْ، قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ، وشُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ، وحَاجَاتُهُمْ خَفِيفَةٌ، وأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ.

سورة الأخلاق والآداب:

يقولُ اللهُ تعالى في محكم كتابه المجيد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ / يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾(1).

ما تلوناه كان من سورة الحُجُرات، والتي هي من السور المدنيَّة، وقد نزلت في عام الوفود، وهي السنةُ التاسعة من الهجرة النبويَّة بعد أنْ أخذَ الناسُ يدخلونَ في دينِ الله أفواجاً.

وسورة الحُجُرات تشتملُ على ثمانيةَ عشر آية، ويُمكن أن نُعبِّر عن هذه السورةِ المباركة -كما أفاد بعضُ الأعلام- بسورةِ الأخلاق والآداب؛ حيثُ إنَّها اشتملت على منظومةٍ متكاملةٍ من أصولِ الأخلاق والآداب التي لو رُوعيت، وتمَّ الالتزامُ بها من قِبل المجتمع الإسلامي، لكان ذلك مُفضياً إلى أنْ يصلَ إلى مستوى الريادة كما أراد اللهُ له ذلك، فمضامينُ هذه السورة تستهدفُ تقويمَ البناء الاجتماعي، وينتهي الالتزامُ بها الى مجتمع متماسكٍ قويٍّ قادرٍ على مواجهة التحدِّيات، وقادرٍ على أنْ يخطوَ نحو التكاملِ بخطواتٍ ثابتةٍ ومنتظمة، وحينذاك يكونُ جديراً بموقع الريادة لعموم البشريَّة وجديراً بأنْ يسير بهم نحو الكمالِ الذي أرادَه اللهُ -عزَّوجلَّ- للإنسان.

محاور السورة المباركة:

وقبل الشروع في الحديث -بشيءٍ من التفصيلِ- حولَ بعضِ آياتِ السورة أرى من المناسبِ أنْ أستعرضَ إجمالاً المضامينَ التي اشتملتْ عليها السورةُ المباركة والتي يُمكن تصنيفها إلى سبعةِ محاور:

أدب التعامل مع الله تعالى ومع رسوله (ص):

المحور الأول يتَّصلُ بأدب التعامل مع الله تعالى ومع النبيِّ الكريم (ص) والكيفيَّةِ التي ينبغي بل يجبُ أن يكونَ عليها التعامل، والآداب التي يلزمُ المؤمن رعايتُها مع النبيِّ الكريم (ص) في حياته وبعد رحيله إلى الله عزَّوجل، وقد تصدَّت لذلك الآياتُ الأولى من السورة، وهي قوله تعالى: ﴿لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ وقوله تعالى: ﴿لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ..﴾ وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾(2).

الأُصولِ الأخلاقية:

والمحور الثاني: اشتملَ على بيانِ الأُصولِ الأخلاقية التي تُساهم وإلى حدٍ كبير في تقويم البناءِ الاجتماعي، والذي يُفضي إغفالُها وعدمُ الرعاية لها إلى نقضِ البناء الاجتماعي، فمِن ذلك آيةُ النبأ التي نهت عن الاعتماد على خبر الفاسق، وأمرتْ بالتبيُّن قبل ترتيبِ الأثر على خبرِه، وحذَّرت من تبعاتِ العمل بخبرِ الفاسق قبل التثبُّت من صدقِه، فذلك هو مفادُ قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾(3).

واشتملت السورةُ على التحذيرِ من الظنِّ السيء، وكذلك اشتملت على النهي عن الغيبة، وعن التجسّس على المؤمنين، وعن السخرية بالمؤمنين، وعن التنابُز بالألقاب .. هذه السلوكيات لو اتَّسم بها مجتمعٌ لكان مجتمعاً ممزَّقاً متهالكاً غيرَ قادرٍ على التكامل والتماسُّك. يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ﴾(4) ويقول جلَّ وعلا: ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ﴾(5) ويقول سبحانه ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾(6).

ثم أفادت الآياتُ أنَّ العاصم من الوقوع في هذه المنزلَقاتِ هو التقوى، وأشارت إلى أنَّ المنجي من تبعات هذه الأخطاء لو اتَّفق لأحدٍ أنْ اجترح شيئاً منها هو التوبة.

ثم تصدَّت الآيات إلى ما ينبغي أنْ تكون عليه طبيعةُ العلاقة بين المكوِّنات الاجتماعية فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾(7) أي تتعارفوا فيما بينكم، بأن تتواصلوا، وتتراحموا، وتتوادُّوا، وحينئذٍ يكون ذلك ضماناً لتقوُّم البناء الاجتماعي.

كيفية التعاطي مع حالات النزاع والشقاق:

والمحور الثالث: تصدَّت فيه السورةُ المباركة لبيان كيفية التعاطي مع حالات النزاع والشقاق الذي قد يقع في إطار المجتمع الإسلامي، فأفادت أنَّه إذا نشبَ نزاعٌ بين طائفتين، فالعلاجُ الأول الذي ينبغي أنْ يُبادرَ له المؤمنونُ هو الإصلاح، وهذا يعطينا أمرين:

الأمرَ الأول: هو أنَّه لا ينبغي أنْ يقفَ الآخرون موقفَ المتفرِّج تجاه النزاعاتِ والاختلافاتِ التي تطرأ في إطار المجتمع المسلم، فينبغي أنْ يستشعر المؤمنونَ المسئوليَّة تِّجاه هذا الذي طرأ في جسمِ المجتمع المسلم .. والعلاج الذي ينبغي أن يُبادروا إليه هو الإصلاح؛ ثم إنْ لم ينجعْ معه الإصلاح فينبغي أنْ لا يبقى الخلافُ مُستحكِماً، مستشرياً، متداعياً؛ نزاعٌ يجرُّ نزاعاً، واختلافٌ يجرُّ إلى اختلاف، بل ينبغي أن يُبادرَ المؤمنون بعد أن يتعذّر عليهم الإصلاحُ إلى التعرُّف على أيِّ الطائفتينِ مُحقٌّ ومَنْ منهما مُبطِل، وحينئذٍ يجب أن يكونوا مع المُحِقّ من هاتينِ الطائفتين، ويقفوا في وجه الطائفةِ الباغية، ويتصدَّوا لها؛ ويُمسكوا على يدها لكي يمنعوها من أنْ تمضي في بغيها وظلمِها، فإنْ لم تفِ وترجعْ عن بغيها وأبت أنْ تثوب إلى رشدها وتمادت في غيِّها وعدوانها كان عليهم أن يتظافروا على منابذتِها ومجاهدتها، هذا حين يبلغ الأمر حدَّاً لم يكن من المُمكن معه معالجةُ المشكلة الطارئة إلا بذلك، يقولُ الله تعالى: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ﴾ -ورجعت- ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾(8).

ثم تصدَّت الآيةُ لبيان الأصل الذي يتعيَّنُ أن تكون عليه طبيعةُ العلاقة بين المؤمنين والذي ينبغي أنْ يكونَ منطلقاً في معالجة ما يطرأُ بينهم من شقاقٍ أو نزاعٍ أو خصومة فقال عزّ مِن قائل: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ -هذا هو الأصل- ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾(9).

المعيار في تحديد قيمةِ الإنسان:

والمحور الرابع الذي تضمَّنته السورةُ المباركة هو بيانُ المعيار في تحديد قيمةِ الإنسان، فهل المعيارُ الذي يتحدَّد به قيمة الإنسان هو الجاه؟ هل هو المال؟ هل هو الذكاء؟ هل هي القوّةُ البدنية؟ أو هي القوَّةُ العسكرية؟ ليس شيء من ذلك معياراً لقياسِ قيمة الإنسان.

قيمةُ الإنسان بنظر الإسلام -كما أفاد القرآن الكريم- هي بالتقوى لله. فالتقوى هي المعيارُ الذي يُقاس بها قيمة الإنسان، فبها يتحددُ مقدار كمالِ الإنسان، فكلَّما كانت تقواه آكدُ في النفس كانت إنسانيتُه أكمل ومتى ما ضعفت التقوى في نفسِه ضعفتْ تبعاً لذلك انسانيَّتُه وصار أقربَ إلى الحيوانيَّة، وهذا هو مؤدَّى قولِه تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾(10). فالأتقى هو الأقربُ للإنسانيَّة لذلك هو أكرم عند اللهِ تعالى، فأكرمُ خلقِ الله على هذه الأرض هو الإنسانُ لأنَّه خليفتُه فيها، والخلافةُ لله تقتضي التخلَّقَ بأخلاق الله والتي يجمعها عنوانُ التقوى، فمتى ما شطَّ الإنسانُ عن خطِّ الله، وعن تقوى الله ضعفتْ إنسانيتُه وصار أقرب إلى ما عليه البهيمة من نزعاتٍ وغرائز، ولذلك يفقدُ قيمته ويُصبح بعيداً عن الله تعالى غيرَ جديرٍ بمقامِ الخلافة لله جلَّ وعلا.

لزوم اقتران الإيمان بالعمل:

والمحور الخامس الذي تصدَّت له السورةُ المباركة هو بيانُ أنَّ الإيمان بالله -عزَّ وجلَّ- لا يتلخّص في التلفُّظِ بالشهادتين، والإقرارِ بأصولِ العقيدة؛ فهذا المقدارُ وإنْ كان يترتَّبُ عليه اعتبارُ الملتزمِ بها مسلماً، إلا أنْ ذلك وحده ليس هو المُراد، وليس هو الغاية من بعث الرسالات، بل لا بدَّ من اقتران الإيمانِ بالعمل الصالح قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا﴾ -هذا هو العمل- ﴿وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ (11)-وليس غيرهم- ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾.

الامتنان لله تعالى علامة الصدق في الإيمان:

والمحور السادس الذي اشتملت عليه السورة المباركة هو الإشارة إلى أنَّ ثمَّة مَن يَمُنُّ على الله بإسلامِه، ويرى أنَّه عندما أسلم يكون قد أسدى جميلاً لرسول الله (ص) وأنَّه بإسلامِه قد اعزَّ الإسلام، وبدخوله في الإسلام أصبح الإسلامُ قوياً منيعا اً! هذا الشعور ينتابُ الكثيرَ من المتكبِّرين ممَّن دخل في صدر الدعوة إلى الإسلام!

والقرآن الكريم في هذه السورة المباركة، وبعد تسع سنين من الهجرة، يعني في نهاية الدعوة، أي بعد اثنين وعشرين سنة من نزول الوحي على الرسول الكريم (ص)، فبعد كلِّ تلك السنين لازال ثمَّة مَن ينطوي على الشعور بالكبر والاعتداد بالنفس ويشعر بالامتنان على الله -تعالى- وعلى رسوله (ص) لأنَّه أسلم وهو رجلٌ وجيه في قومه، فدخولُه كان إعزازاً للإسلام!! فالله -تبارك وتعالى- يقولُ لهؤلاء: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا﴾ -يتوهمون أنَّك يا رسول الله محتاجٌ لإسلامهم- ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ (12) -لو كنتم صادقين لشعرتم بالامتنان لله جلَّ وعلا وليس المِنَّة عليه، فهو تعالى أولى بأنْ يمتنَّ عليكم حيث هداكم إلى هذا الطريق السويّ صراطِ الله العزيز الحكيم.

﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾:

وأمَّا المحور السابع والأخير: فهو أنَّ الله عزَّ وجل أراد أنْ يؤكِّد معنىً طالما أكَّده في آياتٍ كثيرة من القرآن الكريم، وهو أنَّ الله -عزَّ اسمه وتقدَّس- مُطَّلع على جميع أسرار هذا الوجود، فأيُّ شيء يُمثِّل وجود الانسان في مقابل هذا الوجود الواسع؟! وما هو مقدارُ علمه في مقابل علم الله تعالى، فهو جلَّ وعلا: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾(13) ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا﴾ ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ﴾(14).

لاحظوا! هذه الوريقات الصغيرة والكثيرة التي هي في الأشجار المنتشرة في عموم وربوع هذه الأرضِ الواسعةِ والمترامية، إنَّ الله -سبحانه- يعلم متى تسقط ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا﴾، بل ويعلم ما هو أصغرُ من ذلك ﴿وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾. فليس من سرٍّ يخفى على الله عزَّ وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾(15) فلا يتوهَّم الإنسانُ أنَّه إذا علِم بشيء أنَّه أحاط بكلِّ شيء، وليس له أن يتوهَّم أنَّه إذا تآمر أو دبَّر المكائدَ أنَّ ذلك يخفى على الله! نعم قد يُمهلُه ليستدرجَه إلا أنَّه تعالى ليس غافلاً عمَّا يعملُ الظالمون.

اللهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وآل محمَّد واغفرْ لعبادِك المؤمنين.

﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ / وَالْعَصْرِ / إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ / إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.

والحمد لله ربِّ العالمين

 

خطبة الجمعة - الشيخ محمد صنقور

2 من شهر جمادى الأولى 1445هـ - الموافق 17 نوفمبر 2023م

جامع الإمام الصّادق (عليه السلام) - الدّراز


1- سورة الحجرات / 1-2.

2- سورة الحجرات / 3.

3- سورة الحجرات / 6.

4- سورة الحجرات / 11.

5 - سورة الحجرات / 11.

6- سورة الحجرات / 12.

7- سورة الحجرات / 13.

8- سورة الحجرات / 9.

9- سورة الحجرات / 10.

10- سورة الحجرات / 13.

11- سورة الحجرات / 15.

12- سورة الحجرات / 17.

13- سورة طه / 7.

14- سورة الأنعام / 59.

15- سورة الحجرات / 18.

16- سورة العصر.