مشهدٌ من حياة السيِّدة فاطمة (ع)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله على ما أنعَم، وله الشكرُ على ما ألْهَم، والثناءُ بما قدَّم، مِن عمومِ نِعَمٍ ابتدأها، وسبوغِ آلاءٍ أسداها، وتمامِ مِنَنٍ أولاها، جمَّ عن الاحصاءِ عددُها، ونأى عن الجزاءِ أمدُها، وتفاوتَ عن الإدراك أبدُها، ونَدَبهم لاستزادتِها بالشكرِ لاتِّصالها، واستحمَدَ إلى الخلائقِ بإجزالها، وثنى بالندب إلى أمثالِها، وَأَشْهَدُ أَن لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً (ص) عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
عبادَ الله أُوصيكم ونفسي بتقوى الله، يقول الله تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾.
أحسن اللهُ لكم العزاء وأجزلَ لكم الثواب لإحيائكم ذكرى استشهادِ الصدِّيقةِ الكبرى فاطمة بنت رسول الله (ص) وأستثمرُ هذه المناسبةَ الجليلة للتيمُّن بنقل منقبة لسيدة النساء (ع) والتعليق عليها.
منقبة لفاطمة (ع):
عن ابن شهراشوب في المناقب قال: روت الخاصَّةُ والعامة، منهم: ابن شاهين المروزي، وابن شيرويه الديلمي، عن أبي سعيدٍ الخدري: أنَّ عليَّاً (ع) أصبح ذات يومٍ ساغباً فقال: يا فاطمة هل عندك شيء تُطعميني؟ فقالت: ما أصبح عندي شيء يطعمُه بشر، وما كان من شيءٍ أُطعمك منذ يومين إلا شيءٌ كنتُ أُوثرُك به على نفسي .. فقال: ألا أعلمتني فآتيكم بشيء؟! فقالت: يا أبا الحسن، إنِّي لأستحي من الله أنْ أكلِّفك ما لا تقدرُ عليه. فخرج واثقاً بالله حسنَ الظنِّ به واستقرض ديناراً، فمضى يشتري به شيئاً. فبينا الدينار في يده إذ عرض له المقداد في يوم شديد الحر فأنكر علي (ع) هيئته، فسأله عن حاله وما أزعجه فكتمَه المقداد، فقال علي (ع): إنَّه لا يسعك أنْ تكتمني حالك فقال: ما أزعجني إلا الجهد، ولقد تركتُ عيالي لا قوت لهم، فخرجتُ مهموماً فهملتْ عينا عليٍّ (ع) بالدموع فدفع الدينار إليه، وآثره به على نفسه.
وانطلق إلى أنْ دخل مسجد رسول الله (ص) فصلى فيه الظهر والعصر والمغرب، فلمَّا قضى رسولُ الله (ص) المغرب مرَّ بعليٍّ وهو في الصف الأول، فغمزه برجله، فقام عليٌّ (ع) مستعقباً خلفَ رسولِ الله (ص) حتى لحِقه على بابٍ من أبواب المسجد، فقال النبيُّ (ص): يا أبا الحسن، هل عندك شيءٌ نفطر عليه فنميل معك؟ فمكث مطرقاً لا يُحير جواباً حياءً من رسول الله (ص) وهو يعلم ما كان من أمر الدينار، ومن أين أخذه، وأين وجَّهه، وقد كان أوحى الله تعالى إليه يتعشى الليلة عند عليٍّ (ع) فلمَّا نظر رسول الله (ص) إلى سكوته فقال: يا أبا الحسن، مالك لا تقول: لا، فانصرف، أو تقول: نعم، فأمضي معك؟ فقال حياءً وتكرما: فاذهب بنا، فأخَذَ رسولُ الله (ص): يد عليٍّ (ع) فانطلقا حتى دخلا على فاطمة الزهراء (ع) وهي في مصلاها، قد قضت صلاتها، وخلفُها جفنةٌ تفور دخاناً، فلمَّا سمعت صوت رسول الله (ص) في خرجت من مصلاها، فسلَّمت عليه، وكانت أعزَّ الناس عليه، فردَّ عليها السلام، ومسح بيده على رأسها، وقال لها: كيف أمسيتَ رحمك الله. قالت: بخير، قال: غفر الله لك وقد فعل، فأخذت الجفنة، فوضعتها بين يدي النبي (ص).
فسأل عليٌّ (ع) فاطمة (ع): أنَّى لك هذا؟! قالت: هو من فضلِ الله ورزقِه، إنَّ الله يرزق من يشاء بغير حساب. قال: فوضع النبيًّ (ص) كفَّه المباركة بين كتفي عليٍّ(ع) ثم قال: يا علي، هذا بدل دينارِك. ثم استعبرَ النبيُّ (ص) باكياً، وقال: الحمد لله الذي لم يُمتني حتى رأيتُ في ابنتي ما رأى زكريا لمريم ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾(1) وفي رواية الصادق (عليه السلام): أنه أنزل الله فيهم: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾(2).
هذه الروايةُ التي نقلنا نصَّها بشيءٍ من الإيجاز والتصرُّف أوردَها العديدُ من المحدِّثين الشيعة وكذلك العديدُ من محدِّثي العامَّة بشيءٍ من الاختلاف في الألفاظ والتفاصيل وهي تشتمل على الكثير من الفوائد أذكر بعضها ضمنَ أمور:
أحوال المسلمين في صدر الهجرة:
الأمر الأول: كانت السنين الأولى للمسلمين بعد الهجرة النبويَّة للمدينة سنين فقرٍ وفاقة، فالكثيرُ من المهاجرين كانوا فقراء، ومَن كان منهم متمولِّاً اضطرَّ للخروج من مكَّة الشريفة دون أن يتمكَّن من حمل أموالِه معه، وقد عمدتْ قريشٌ إلى مصادرة الكثير من أموالِ المهاجرين ومواشيهم وبيوتِهم كما قال تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾(3) وحين قدموا المدينةَ كانوا أشبه بالضيوفِ عند فقراءَ مثلِهم وهم الأنصار، فالأنصار لم يكونوا في السنين الأولى من الهجرة أحسنَ حالاً من المهاجرين، لذلك عاش المسلمون في بداية الهجرة سنيناً صعبة وشاقة، وكان ما يصلُ إلى النبيِّ (ص) من صدقاتٍ وهدايا يبسطُه على عامَّة المسلمين، فلم يكن ما يصلُه يكفي لتأمين حاجاتهم، فكان يؤثرُهم على نفسِه وعلى أقربائه حتى ورد أنَّ رسول الله (ص) دخل بيت فاطمة (ع) يوماً فقدمت له كسرة خبز لا ثانية لها فأكلها، وقال: أما إنها أولُ طعام دخل بطن أبيك منذ ثلاثة أيام(4) ومن مظاهر ذلك العناء والفقر الذي كان عليه المسلمون في صدر الهجرة، ما يرويه سلمان الفارسي رحمه الله يقول خرجت فاطمة(ع) وعليها ملاءة أو عباءة مرقَّعة أحصاها أهل البيت فكانت أثنتي عشرة رقعة، فلمَّا رآها سلمانُ -وهو شيخ كبير- قال: بنات كسرى وقيصر في السُندسِ والحرير وبنتُ سيد البشر تلبسُ عباءةً مرقعةً بخوصِ النخل(5).
الرسولَ (ص) لم يرتضِ لنفسه ولأهلِ بيته (ع) إلا الزهد والإيثار:
هذه الحال لم تستمرْ، فبعد سنين من صدر الهجرة حسُنت أحوالُ المسلين فتوسَّعوا على أنفسِهم وعيالهم لكنَّ الرسولَ (ص) لم يرتضِ لنفسه ولأهلِ بيته (ع) إلا الزهد وإيثار المسلمين على نفسه وعلى أهل بيته (ع) ورد في المأثور أنَّ إعرابياً جاء إلى رسول الله (ص) وحوله أصحابه فشكا إليه الجوع والفاقة فاعتذر إليه الرسول (ص) وأفاد أنَّه أنفق ما عنده ثم أفاد أنَّ الدالَّ على الخير كفاعله هذا بيت فاطمة(ع) اذهب إليه لعلَّك تجدُ عندها ما يسدُّ جوعك، طرق الإعرابي الفقير باب فاطمة (ع) وقال: فقير ينشدُ شيئاً يتزوُّد به، فأعطته جلدَ كبشٍ كانت تفرشُه للحسن والحسين(ع) وقالت: بعْه واشترِ به طعاماً -إيثار يفوق حدَّ التصُّور- يذكر الرواة أنَّ رسول الله (ص) دخل على فاطمة(ع) وهي تطحن بالرحى وعليها كساء من جلد الإبل ملتحفةً به، فبكى وقال: يا فاطمة تعجَّلي مرارةَ الدنيا بحلاوة الآخرة. أو قال: تجرعي مرارة الدنيا بحلاة الآخرة"(6).
فرغم أنَّ حال المسلمين قد آلت إلى شيءٍ من السعة لكنَّ بيت عليٍّ وفاطمة (ع) ظلَّ أثاثُه على ما هو عليه، بقيت الوسادتان المحشوتان بالليف دون تغيير، وبقي الإهابُ المتَّخذُ من جلد البعير كما هو، وبقيت الرحى كما هي، ورد في الحديث أنَّ المسلمين غنموا في إحدى المعارك أموالاً وأمتعة فكان نصيب عليٍّ (ع) منها بردة طويلة وقلادة وسواران من فضة جاء بها فأعطاها لفاطمة (ع) فوضعت فاطمة (ع) البردة ستارا خلفَ بابها، وكان رسول الله (ص) يزورها في كلِّ يوم فحين دخل وجدَ البردة خلفَ الباب فلم يعلِّق بشيءٍ وبعد أنْ جلس واستقرَّ خرج إلى المسجد فأخذت فاطمةُ (ع) البردة وطوتها وكذلك أخذت السوارين والقلادة وأعطت ذلك كلَّه للحسن والحسين(ع) وقالت لهما أعطيا ذلك لرسول الله (ص) وقولا له يجعله في سبيل الله، استقبلهما رسولُ الله (ص) وابتهج بهما، ثم قال: قد فعلت فداها أبوها ثلاث مرات، ما لآل محمدٍ وللدنيا، فإنهم خلقوا للآخرة، وخلقت الدنيا لغيرهم"(7) ثم أخذ السوارين وتصدَّق بثمنهما على أهل الصفة - وهم أشدُّ المسلمين فقراً وكانوا يزيدون على الثمانين، وأمَّا البردة فقطَّعها قطعاً -على ما أذكر من الرواية- كلَّ قطعة تكفي لمئزر وكسا بها فقراء أهل الصفَّة.
تكليف الزوج فوق ما يُطيق:
الأمر الثاني: ورد في الرواية التي نقلناها أنَّ علياً (ع) طلب من السيدة فاطمة (ع) شيئاً تُطعمه به فاعتذرت بأنَّه ليس لديها شيء يطعمه بشر وأنَّه ليس لديها شيء تطعمه به منذ يومين إلا شيء كانت تؤثره به على نفسها فتظلُّ هي جائعة وتُؤثر علياً(ع) بالقليل الذي كان عندها، فأن تؤثر أحداً على نفسك رغم حاجتِك الملحة فهذا من أعظم الخُلق وأرفعِه، وأعظم منه أنْ تُخفي على مَن آثرته على نفسك أنك تُؤثره على نفسك، ولولا أنَّ علياً (ع) طلب طعاماً لا تجدُه لما صرَّحت له بما كانت تؤثره به، ثم إنَّها (ع) اعتذرتْ عن عدم إخبارها له بعدم وجود طعام في البيت بأنَّها تستحي من الله تعالى أن تكلفه مالا يُطيق وفي رواية أنّ النبيَّ (ص) كان قد أوصاها بأن لا تكلِّف زوجها فوق ما يُطيق، فأين نحن من بيت عليٍّ وفاطمة (ع) المرأة منَّا قد تكلِّفُ زوجها فوق طاقته بمراتب ليس لتأمين ضرورات المعاش وحسب بل لشؤون كمالية بل قد تطالبه بالصرف على ما لا نفع فيه وبما يُعدُّ الإنفاقُ فيه من البذخ وإذا اعتذر تجهَّمت في وجهِه واتَّهمته بالبخل وأنَّها لم تر منه خيراً قط، وقد تساعدها على ذلك أمها وأخواتها اطلبي منه واطلبي واطلبي فصديقاتك لسن أفضل منك وأزوجهن يُغدقون علهين من العطايا والهدايا، وفي كلِّ سنةٍ يسافرون المرَّة والمرتين وفي كلِّ ليلة يكون عشاؤهم في أفخر المطاعم، فأين نحن من فاطمة؟! وأين نحن من وصية الرسول لفاطمة (ع) ألسنا أتباعَ فاطمة (ع) ونطمح بأنْ نحظى بشفاعة فاطمة؟!.
لماذا نكلِّفُ هذا الولدَ المقبلَ على الحياة فوق ما يُطيق؟! صداقاً ومجوهراتٍ وأثاثاً فاخراً واحتفالاً في أفخم الصالات، فيضطَّر لأنْ يُراكِمَ على نفسِِه الديونَ ليؤمِّن هذه الطلباتِ التي لا عائدَ من ورائها سوى الفخرِ والتباهي.
للسعي من أجل تأمين القوت للعيال:
الأمر الثالث: أفادت الرواية أنَّ علياً (ع) بادر إلى الخروج من الدار للسعي من أجل تأمين القوت لعياله ولا نعلم كم من الوقت احتاجه للعثور على مَن يُقرضُه ديناراً فالرواية قد أفادت أنَّه التقى بالمقداد قبيل الظهر وقد كان خروجه من الدار أول الصبح فيظهر أنَّه قد تكبَّد عناءً قبل أن يعثر على من يُقرضه ديناراً ورغم ذلك آثر المقداد بذلك الدينار واثقاً بربِّه أنَّه سيجدُ من يُقرضه ديناراً آخر.
وهنا أودُّ التنبيهَ للشباب الأعزاء أنَّ مبادرة أمير المؤمنين (ع) للخروج من أجل السعي لتأمين القوت لعياله ينبغي أن يكون حافزاً لنا -نحن شيعة علي- على استشعار المسئولية تجاه أسرنا والسعي الجاد لتحصيل الرزق، فلا ينبغي التواني والاتكال على الغير كما لا ينبغي الترفُّع عن مختلف وسائل الاسترزاق المباح، وكذلك لا ينبغي الإغفالُ لحاجات الأسرة والاشتغالُ بارتياد محافل الأصدقاء بنحو يكون ذلك على حساب ما تقتضيه المسئولية تجاه الأسرة وبنحوٍ يكون ذلك على حساب استقرارِ الأسرة.
عبادة الأمِّ في محضر صغارها:
الأمر الرابع: أفادت الرواية أنَّ فاطمة (ع) كانت في محرابها إلى حين مجيء الرسول (ص) ومعه أمير المؤمنين (ع) ومقتضى ذلك أنَّها كانت مشتغلة بالأوراد والمناجاة وتلاوة القرآن، وقد نصَّت العديد من الروايات أنها كانت كثيرة الصلاة والدعاء وتلاوة القرآن وأنَّها كانت تفعل ذلك في محضرِ صغارها، فكانوا يتحلَّقون حولها وهي تُصلي وتبتهل وتناجي ربَّها وكان لذلك انعكاس بليغ الأثر على روحيَّة صغارها وكان الإمام الحسن (ع) يتحدَّث بعد ذلك عمَّا يعبِّر عن عميق تأثره بعبادة أمِّه فاطمة (ع) وكان يُصغي إلى مناجاتها وقد سألها يوماً لماذا تكثر من الدعاء للمؤمنين ولا تدعو لنفسِها فقالت: يا بني الجار ثم الدار(8)، فحريٌّ بالأمهات أن يتَّخذن من هذه السيرة المباركة اسوةً، فهي من أبلغ وسائل التربية للناشئة أنْ تصلي الأمُّ في محضرهم وأن تتلوَ القرآن وتبتهل إلى الله تعالى في محضرهم.
المقام السامي للسيِّدة فاطمة (ع):
الأمر الخامس: حين حضر رسول الله (ص) مع أمير المؤمنين (ع) بعد المغرب وهو الوقت الذي يتمُّ فيه التناول للعشاء شعرت السيدة فاطمة (ع) بالحرج لأنَّه لا يسعُها كتمان حالِها على أبيها وأنَّها لا تجدُ ما تُطعمه به لذلك انقطعت إلى الله تعالى -كما في الرواية في بعض طرقها- وتوسَّلت إلى الله تعالى بأبيها النبيِّ (ص) وبعليٍّ الوصي وبالسبطين (ع) وقالت: إلهي وسيدي، هذا محمد (ص) نبيُّك، وهذا عليٌّ ابن عم نبيِّك وليك، وهذان الحسنُ والحسينُ سبطا نبيِّك، إلهي أنزل علينا مائدةً من السماء، كما أنزلتها على بني إسرائيل، أكلوا منها وكفروا بها، اللهمَّ أنزلها علينا فإنَّا بها مؤمنون" قال ابن عباس: والله ما استتمَّت الدعوةَ، فإذا هي بصحفةٍ من ورائها يفورُ منها الدخان. وفي ذلك مؤشِّرٌ بيِّنٌ على المقام السامي لهذه السيدة المتألهة والزاهدة. كيف وهي سيدة نساء العالمين من الأوليين والآخرين وقد نزلت سورةُ الدهر في الثناء على إيثارها ووفائها وصبرها وكمال إخلاصِها لربِّها، والثناء كذلك على عليٍّ والحسن والحسين (ع).
﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا .. يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا / وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا / إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا / إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا / فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا / وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا .. إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا﴾(9).
اللهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وآل محمَّد واغفرْ لعبادِك المؤمنين.
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ / إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ / فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ/ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾(10).
والحمد لله ربِّ العالمين
خطبة الجمعة - الشيخ محمد صنقور
16 من شهر جمادى الأولى 1445هـ - الموافق 1 ديسمبر 2023م
جامع الإمام الصّادق (عليه السلام) - الدّراز
1- سورة آل عمران / 37.
2- فضائل سيدة النساء -ابن شاهين- ص27، مناقب آل أبي طالب -ابن شهراشوب- ج1 / ص350، الأمالي -الطوسي- ص616، مستدرك الوسائل -النوري- ج7 / ص219، مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) -محمد بن سليمان الكوفي- ج1 / ص204، شرح الأخبار -القاضي النعمان المغربي-ج3 / ص27، المسترشد -محمد بن جرير الطبري الإمامي- ص287، المعيار والموازنة -أبو جعفر الاسكافي- ص237، الكشف والبيان -تفسير الثعلبي- ج2 / ص57، كشف الغمة -الأربلي- ج2 / ص99، ينابيع المودة -القندوزي- ج2 / ص136.
3- سورة الحشر / 8.
4- عيون أخبار الرضا (ع) -الصدوق-ج2 / ص43، شعب الإيمان -البيهقي- ج7 / ص315، التاريخ الكبير -البخاري-ج1 / ص128، الطبقات الكبرى -ابن سعد- ج1 / ص400، تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج4 / ص122، المعجم الكبير -الطبراني- ج1 / ص259، شرح نهج البلاغة -ابن أبي الحديد-ج11 / ص129، ذخائر العقبى -أحمد بن عبد الله الطبري- ص47.
5- الدروع الواقية -السيد ابن طاووس- ص275، مستدرك الوسائل -النوري- ج3 / ص274.
6- مكارم الأخلاق -الطبرسي- ص117، التمحيص -محمد بن همام الاسكافي- ص6، مناقب آل أبي طالب -ابن شهراشوب- ج3 / ص120، التذكرة الحمدونيَّة -ابن حمدون- ج8 / ص87.
7- الأمالي -الصدوق- ص305، روضة الواعظين -الفتال النيسابوري- ص444، الصواعق المحرقة -ابن حجر المكي- ص182، مناقب آل أبي طالب -ابن شهراشوب- ج3 / ص121، شرف المصطفى -عبد الملك الخركوشي-ج2 / ص446.
8- علل الشرائع -الصدوق- ج1 / ص182، دلائل الإمامة- الطبري- ص 152، كشف الغمة- الأربلي-ج2 / ص96.
9- سورة الانسان / 5-22.
10- سورة الكوثر / 1-3.