عقوبة تارك الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
ما هو عقاب تارك الصلاة؟ وهل يُعتبر كافرًا؟ وهل يكون إثمٌ على أهله في عدم التربية؟ وإن كانوا ينصحونه؟
الجواب:
عقوبة تارك الصلاة هي النار كما قال تعالى: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ / قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾(1).
وورد عن الرسول الكريم (ص): عنه (صلى الله عليه وآله): "الصلاة عماد الدين، فمَن ترك صلاته متعمِّدا فقد هدم دينه، ومن ترك أوقاتها يدخل الويل، والويل وادٍ في جهنَّم كما قال الله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ / الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾"(2)(3).
وورد عن النبيِّ الكريم (ص) كما في جامع الأخبار: "مَن ترك صلاته حتّى تفوته من غير عذرٍ فقد حبط عمله" وقال (صلى الله عليه وآله): "من ترك صلاة لا يرجو ثوابها، ولا يخاف عقابها، فلا أبالي أيموتُ يهوديَّاً أو نصرانيَّاً، أو مجوسيَّا"(4).
أقول: معنى حبط العمل هو أنَّه لا يترتب على عمله للصالحات أجرٌ فلو كان له عمل صالح فإنَّه لا يثاب عليه إذا كان تاركاً للصلاة المفروضة.
وورد كما في فلاح السائل للسيِّد ابن طاووس بسنده عن سيِّدة النساء فاطمة (ع) أنَّها قالت لرسول الله (ص): يا أبَتاه، ما لِمَن تهاوَنَ بِصَلاتِهِ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ؟ - قال (ص): يا فاطِمَةُ، مَن تَهاوَنَ بِصَلاتِهِ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ ابتَلاهُ اللهُ بِخَمسَ عَشَرَةَ خَصلَةً: سِتٌّ مِنها في دارِ الدُّنيا، وثَلاثٌ عِندَ مَوتِهِ، وثَلاثٌ في قَبرِهِ، وثَلاثٌ فِي القيامَةِ إذا خَرَجَ مِن قَبرِهِ.
فَأمَّا اللَّواتي تُصيبُهُ في دارِ الدُّنيا: فَالأُولى يَرفَعُ اللهُ البَرَكَةَ مِن عُمُرِهِ، ويَرفَعُ اللهُ البَرَكَةَ مِن رِزقِهِ، ويَمحُو اللهُ عزّوجلّ سيماءَ الصّالِحينَ مِن وَجهِهِ، وكُلُّ عَمَلٍ يَعمَلُهُ لا يُؤجَرُ عَلَيهِ، ولا يَرتَفِعُ دُعاؤُهُ إلَى السَّماءِ، والسّادِسَةُ لَيسَ لَهُ حَظٌّ في دُعاءِ الصّالِحينَ.
وأمَّا اللَّواتي تُصيبُهُ عِندَ مَوتِهِ فَأَوَّلُهُنَّ أنَّهُ يَموتُ ذَليلاً، والثّانيَةُ يَموتُ جائِعًا، والثّالِثَةُ يَموتُ عَطشانًا؛ فَلَو سُقيَ مِن أنهارِ الدُّنيا لم يَروَ عَطَشُهُ.
وأمَّا اللَّواتي تُصيبُهُ في قَبرِهِ: فَأَوَّلُهُنَّ يُوَكِّلُ اللهُ بِهِ مَلَكًا يَزعَجُهُ في قَبرِهِ، والثّانيَةُ يُضَيِّقُ عَلَيهِ قَبرَهُ، والثّالِثَةُ تَكونُ الظُّلمَةُ في قَبرِهِ.
وأمَّا اللَّواتي تُصيبُهُ يَومَ القيامَةِ إذا خَرَجَ مِن قَبرِهِ: فَأَوَّلُهُنَّ أنْ يُوَكِّلَ اللهُ بِهِ مَلَكًا يَسحَبُهُ عَلى وَجهِهِ والخَلائِقُ يَنظُرونَ إلَيهِ، والثّانيَةُ يُحاسَبُ حِسابًا شَديدًا، والثّالِثَةُ لا يَنظُرُ اللهُ إلَيهِ ولا يُزَكّيهِ ولَهُ عَذابٌ أليمٌ(5).
وأما أنَّ تارك الصلاة هل يعدُّ كافراً فقد ورد في الروايات عن أهل البيت (ع) أنَّ تارك الصلاة كافر وأنّه لا حظّ له في الإسلام، وأنَّ بين الإيمان والكفر ترك الصلاة:
فمن ذلك ما رواه الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال بسنده عن بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "ما بَينَ المُسلِمِ وبَينَ الكافِرِ إلاّ أن يَترُكَ الصَّلاةَ الفَريضَةَ مُتَعَمِّدًا أو يَتَهاوَنَ بِها فَلا يُصَلّيَها"(6).
ومنه: ما رواه الشيخ الكليني بسنده عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه الصادق (ع) قال: "جاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبيِّ (صلى الله عليه وآله) فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ أوصِني، فَقالَ: لا تَدَعِ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا، فَإِنَّ مَن تَرَكَها مُتَعَمِّدًا فَقَد بَرِئَت مِنهُ مِلَّةُ الإِسلامِ"(7).
ومنه: ما رواه في جامع الأخبار عن النبيِّ الكريم قال (صلى الله عليه وآله): "بين العبد وبين الكفر تركُ الصلاة"(8).
والمقصود من عدِّ تارك الصلاة كافراً هو أنَّه بحكم الكافر في المرتبة وفي سوء السريرة وهو بحكم الكافر من حيث الاستحقاق للنار، وليس المقصود من عدِّه كافراً خروجه من حيِّز المسلمين وترتيب أحكام الكافر عليه كالنجاسة وعدم صحّة تزويجه من المسلمة وعدم جواز دفنِه في مقابر المسلمين وعدم استحقاقه للميراث وغير ذلك من الأحكام المترتّبة على الكفر. فتارك الصلاة عصياناً يبقى على ظاهر الإسلام في الدنيا ولكنَّ مآله هو المآل الذي ينتهي إليه الكفَّار يوم القيامة وهو النار وبئس القرار.
وأمَّا تكليف أهله فهو وجوب نصحه إذا توفّرت شرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم نصحه في الفرض المذكور يُعدّ معصيّة تستوجب الإثم.
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- سورة المدثر / 42-43.
2- سورة الماعون / 4-5.
3- بحار الأنوار -المجلسي- ج 79 / ص202.
4- مستدرك الوسائل -النوري- ج3 / ص44.
5- فلاح السائل -السيد ابن طاووس- ص22، مستدرك الوسائل -النوري-ج3 / ص24.
6- ثواب الأعمال -الشيخ الصدوق- ص231.
7- الكافي -الكليني-ج3 / ص488.
8- مستدرك الوسائل -النوري- ج3 / ص45.