دعوى أنَّ لكلِّ إنسانٍ قريناً من الجن؟
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد
المسألة:
ما يُقال من أنَّ لكل شخصٍ قريناً له من الجن هل هو صحيح؟ وهل يؤثر كلٌّ منهما على الاخر؟ وكيف يكون ذلك؟
الجواب:
لم يثبت ذلك حيث لم نجد في الروايات الواردة من طُرقنا عن الرسول (ص) وأهل بيته (ع) مايدلُّ على أنَّ لكل إنسانٍ قريناً من الجن، ولأنَّ مثل هذه الدعوى من شؤون الغيب، لذلك ليس من سبيلٍ إلى إثباتها إلا من طريق الوحي، نعم ورد من طريق العامة ما يدلُّ على هذه الدعوى:
فمن ذلك ما روي عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ما منكم من أحد إلا وقد وكِّل به قرين من الشياطين، قالوا: وأنت يا رسول الله ؟ قال: نعم ولكنَّ الله أعانني عليه فأسلم ". رواه أحمد والطبراني والبزار(1).
ومنه: ما روي عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ما مِن أحدٍ إلا جُعل معه قرينٌ من الجن، قالوا: ولا أنت ؟ قال: ولا أنا إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير". رواه الطبراني (2).
ومنه: ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "فُضِّلتُ على الأنبياء بخصلتين، كان شيطاني كافراً فأعانني الله عليه حتى أسلم، ونسيت الخصلة الأخرى". رواه البزار(3).
ومنه: ما روي عن أسامة بن شريك قال: سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "ما منكم أحدٍ إلا معه شيطان قلنا: وأنت ؟ قال: وأنا إلا أنَّ الله عزَّ وجلَّ أعانني عليه فأسلم". رواه الطبراني(4).
ومنه: ما روي عن شريك بن طارق قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ما منكم من أحدٍ إلا له شيطان قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلم". رواه الطبراني والبزار(5).
ومنه: ما روي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ما منكم من أحدٍ إلا وقد وكِّل به قرينٌ من الجن قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وإياي إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير"(6).
فنظرا لعدم الوثوق بصدور هذه الرواية -على اختلاف طُرقها- عن الرسول الكريم (ص) لذلك فهي غير صالحة لإثبات الدعوى المذكورة.
الاستدلال بالقرآن وجوابه:
وأمَّا الاستدلال على دعوى أنَّ لكلِّ إنسانٍ قريناً من الجن بقوله تعالى من سورة الزخرف: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾(7) فلا يتمُّ فإنَّ مفاد هذه الآية هو أنَّ الذي يكون له قرين من الشياطين هو مَن يعشو عن ذكر الرحمن وهو المعرِض بسوء اختياره عن الله جلَّ وعلا فمثله يكون في شرَك الشيطان، فمؤدَّى الآية ظاهراً أنَّ الشيطان يلازم المعرض عن أسباب الهداية، ولا يبعد أنَّ المراد من الشيطان في الآية هو الجنس الصادق على الواحد والكثير وعلى شياطين الجنَّ والإنس كما يمكن استفادة ذلك من قوله تعالى: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ﴾(8) فالآية من سورة الزخرف أجنبية عن دعوى أنَّ لكلِّ إنسان قريناً من الجن.
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور
27 / 1 / 2013م
1- مجمع الزوائد -الهيثمي- ج8 / ص225.
2- مجمع الزوائد -الهيثمي- ج8 / ص225.
3- مجمع الزوائد -الهيثمي- ج8 / ص225.
4- مجمع الزوائد -الهيثمي- ج8 / ص225.
5- مجمع الزوائد -الهيثمي- ج8 / ص225.
6- مسند أبي يعلى -أبو يعلى الموصلي- ج9 / ص77.
7- سورة الزخرف / 36
8- سورة فصلت / 25.