تمييز الأمر الاستحباب عن الوجوبي
المسألة:
لماذا يستعمل الأئمة (ع) صيغ الأمر كثيراً في كلماتهم في الأمور الاستحبابية مما يجعل الأمور شائكاً في إثبات الاستحباب دون الوجوب؟
الجواب:
الأمر يُفيد الطلب الأعم من الوجوب والاستحباب ويتمُّ التمييز بين الطلب الوجوبي والطلب الاستحبابي بواسطة القرائن اللفظية أو اللبية المتصلة أو المنفصلة.
وبناءً على مذهب المشهور من انَّ الأمر ظاهر في الوجوب ابتداءً فإن ذلك ما لم تقم قرينة على الاستحباب، فكل أمرٍ ورد عن الرسول (ص) وأهل بيته (ع) حمله الفقهاء على الاستحباب إنما كان بسبب اشتماله على قرينةٍ متصلة أو منفصلة اقتضت ذلك.
وقد وقع ذلك في القرآن الكريم أيضاً كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا﴾.
فالأمر بإعطاء ذوي القربى والمساكين واليتامى شيء من الميراث محمول على الاستحباب.
ثم انه كثيراً ما يكون الغرض من الأمر في موارد إرادة الاستحباب هو التعبير عن أهمية المأمور به. على انه لا يلزم من إرادة الاستحباب من الأمر أي إشكال عند أهل التخصص في العلم الشرعي وهم الفقهاء وذلك لقدرتهم على تمييز إرادة الوجوب من إرادة الاستحباب وذلك من خلال القرائن التي يقفون عليها بواسطة البحث والتحقق، ولذلك لم يكن لأيِّ أحدٍ تقمصُ هذا الدور ما لم يكن واجداً لملكة الاجتهاد فهي التي تؤهل الإنسان لفهم المرادات الجدِّية من الخطابات الدينية.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور