حكم الحر إذا قتل عبداً عمداً


المسألة:

لماذا لا يقتص من السيد القاتل لعبده؟

الجواب:

إذا قتل السيدُ مملوكه فإنّه لا يُقتل به وإنما يُضرب مائة ضربة شديدة ويُحبس وتُؤخذ منه قيمة العبد ويُتصدق بها على الفقراء أو تُدفع لبيت مال المسلمين إلا أنَّ هذا الحكم ليس على اطلاقه وإنما هو مختص بمَن هو غير معروف بقتل المماليك وأما إذا كان معتاداً قتل المماليك "العبيد" أو غيرهم فإنَّه يُقتل بالمقتول سواءً كان مَن قتله عبداً أو أمة.

ويدُّل على ذلك معتبرة يونس عنهم (عليهم السلام) قال: سئل عن رجل قتل مملوكه؟ قال: "إن كان غير معروف بالقتل ضُرب ضرباً شديداً، واُخذ منه قيمة العبد، ويُدفع إلى بيت مال المسلمين، وإن كان متعوِّداً للقتل قتل به"(1).

ويؤيد ذلك أيضاً رواية الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن (ع) في رجل قَتَل مملوكه أو مملوكته، قال: "إنْ كان المملوك له، أُدِّب وحُبس، إلا أن يكون معروفا بقتل المماليك، فيُقتل به"(2).

وكذلك معتبرة السكوني اسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام): "أنَّه قتل حراً بعبدٍ قتله عمداً"(3). أي إنَّ علياً (ع) قتل حراً لأنه قتل عبداً عمداً، والرواية وإنْ كانت تحكي قضيةً في واقعة إلا أنَّ من المحتمل قوياً إن منشأ قتل عليٍّ (ع) للحر -بقرينة معتبرة يونس ورواية الجرجاني- هو أن هذا الحر القاتل كان معتاداً لقتل العبيد أو القتل العمدي مطلقاً، فلتكن هذه الرواية مؤيدة للحكم المذكور.

وعليه فإنَّ الحكم بعدم قتل الحر بالعبد إنما هو في فرض عدم اعتياد القتل كما لو صدر منه القتل العمدي اتفافاً نتيجةَ الغضب فإنه لا يُقتل إلا أنه يُحبس ويُضرب مائة ضربةٍ شديدة ويُغرَّم قيمة العبد.

وأما دليل عدم قتل الحر بالعبد في فرض عدم الاعتياد فقوله تعالى: ﴿الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ..﴾(4) وقد ورد في تفسيره في معتبرة أبي بصير عن أحدهما (ع) قال: "قلت له: قول الله عز وجل: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى﴾(5) قال: فقال: لا يُقتل حرٌّ بعبد، ولكن يُضرب ضرباً شديدا ويُغرَّم ثمنه دية العبد"(6).

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

 

1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 29 ص 95.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 29 ص 94.

3- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 29 ص 98.

4- سورة البقرة / 178.

5- سورة البقرة / 178.

6- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 29 ص 96.