البناء على القبور من منظار آخر

إنّ صيانة القبور والآثار الباقية من بيت الوحي والعصمة (عليهم السلام)من مظاهر حب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وتكريمه، وقد أُمر المسلمون في الكتاب والسنّة بحبه وتكريمه و تبجيله، قال سبحانه: ﴿قُلْ إنْ كانَ آباوَكُمْ وَأبْناوَُكُمْ وَإخْوانُكُمْ وَأزْواجُكُمْ وَعَشيرتُكُمْ وَأمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةً تَخْشَونَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَونَها أحَبَّ إلَيْكُمْ مِنَ اللّهِ وَرَسُولهِ وَجِهاد في سَبيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتّى يَأْتِي اللّهُ بِأمْرِهِ وَاللّهُ لا يَهْدي الْقَومَ الْفاسِقينَ﴾.(1)

وقال سبحانه في وصف المؤمنين:﴿فَالَّذينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزُّروهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفلِحُونَ﴾.(2)

فالآية الكريمة تأمر بأُمور أربعة:

1. الإيمان به.

2. تعزيره.

3. نصرته.

4. اتباع كتابه وهو النور الذي أُنزل معه.

وليس المراد من تعزيره هو نصرته، لأنّه قد ذكره بقوله: "نصروه" وإنّما المراد توقيره، وتكريمه وتعظيمه بما انّه نبيُّ الرحمة والعظمة، ولا يختص تعزيره وتوقيره بحال حياته بل يعمها، كما انّ الإيمان به والتبعية لكتابه لا يختصان بحال حياته الشريفة.

وعلى هذا فحب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ومن يمت إليه بصلة أصل إسلامي يجب أن يهتم به المسلمون ويطبقونه في حياتهم.

ولأجل كرامة رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) ومنزلته يدعو الذكر الحكيم إلى تعظيمه في المجالس وحفظ كرامته ويقول: ﴿يا أيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصواتَكُمْ فَوْقَ صَوتِ النَّبىِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَولِ كَجَهْرِ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ أنْ تَحْبَطَ أعْمالُكُمْ وَأنْتُمْ لا تَشْعُرُون﴾.(3)

وقال أيضًا: ﴿إنَّ الَّذينَ يَغُضُّونَ أصواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ أُولئِكَ الَّذينَ امْتَحَنَ اللّهُ قُلُوبُهُمْ لِلتَّقوى﴾.(4)

وقال: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعضًا﴾.(5)

فأي إجلال أبلغ من هذا، وأي تقدير أورع من هذا التقدير.

وليس الذكر الحكيم وحده هو الداعي والآمر بحب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل السنّة النبوية تضافرت على لزوم حبه.

قال رسول اللّه: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين".(6)

وقد تواتر مضمون هذه الرواية عن النبي ص، فمن أراد فليرجع إلى الكتب المعدة لهذا الغرض.(7)


1- التوبة|24.

2- الأعراف|157.

3- الحجرات|2.

4- الحجرات|3.

5- النور|63.

6- صحيح البخاري:1|8، باب حب الرسول من الإيمان من كتاب الإيمان.

7- كنز العمال:2|126.