تفسير الآيات

(التين والزَّيتُون) فاكهتان معروفتان، حلف بهما سبحانه لما فيهما من فوائد جمّة وخواص نافعة، فالتين فاكهة خالصة من شآئب التنغيص، وفيه أعظم عبرة لأنّه عزّ اسمه جعلها على مقدار اللقمة، وهيّأها على تلك الصورة إنعامًا على عِباده بها.

وقد روى أبو ذر الغفاري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنّه قال: "لو قلت انّ فاكهة نزلت من الجنة، لقلت: هذه هي، لأنّ فاكهة الجنة بلا عَجَمْ(1) فانّها تقطع البواسير، وتنفع من النقرص"(2).

وأمّا الزيتون فانّه يعتصر منه الزيت الذي يدور في أكثر الأطعمة، وهو إدام، والتين فاكهة فيها منافع جمّة.

ذكر علماء الأغذية أنّه يمكن الاستفادة من التين كسكر طبيعي للأطفال، ويمكن للرياضيين ولمن يعانون ضعف كبر السنّ أن ينتفعوا منه للتغذية، حتى ذكروا أنّ الشخص إن أراد توفير الصحة والسلامة لنفسه فلابد له أن يتناول هذه الفاكهة، كما أنّ زيت الزيتون هو الآخر له تأثير بالغ في معالجة عوارض الكُلَ-ى، حتي وصفها سبحانه بأنّه مأخوذ من شجرة مباركة، ولا نطيل الكلام في سرد فوائدهما(3).

هذا وربما يفسر التين بالجبل الذي عليه دمشق، والزيتون بالجبل الذي عليه بيت المقدس.

وهذا التفسير وإن كان بعيدًا عن ظاهر الآيات، ولكن الذي يدعمه هو القسم الثالث والرابع - أعني: الحلف بـ (طور سينين * والبلد الأمين) - إذ على ذلك يكون بين الأمور الأربعة السالفة الذكر صلة واضحة، ولعل إطلاق اسم الفاكهتين على الجبلين لكونهما منبتيهما، والإقسام بهما، لأنّهما مبعثي جمّ غفير من الأنبياء.

ثمّ إنّ المراد من طور سينين، هو الجبل الذي كلّم اللّه فيه موسى (عليه السلام)، وقال: (إنَّي أنَا رَبّكَ فَاخْلََعْ نَعْلَيْكَ إنَّكَ بِالوادِ المُقدَّسِ طُوى)(4) وقال: (إذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ المُقَدَّسِ طُوى)(5) وقال سبحانه مخاطبًا موسى (عليه السلام): (ولكِنِ انْظُر إلى الْجَبَل فَإن اسْتَقَرَ مَكانَهُ فَسَوفَ تَراني فَلَمّا تَجلّ-ى رَبّه لِلجَبَل جَعَلهُ دَكًّا وخَرّ مُوسى صَعِقًا)(6).


1 - العجم: نوى التمر، أو كل ما كان في جوف مأكول كالزبيب.

2 - مجمع البيان: 5|510.

3 - فمن أراد التفصيل فليرجع إلى كتب علماء الأغذية وما أُلّف في هذا المضمار.

4 - طه: 12

5 - النازعات: 16

6 - الأعراف: 143