النفس الأمّارة

إنّ النفس بطبعها تدعو إلى مشتهياتها من السيئات، فليس للإنسان أن يبرّىَ

نفسه من الميل إلى السوء، وإنّما له أن يكف عن أمرها بالسوء ودعوتها إلى الشر وذلك برحمة من اللّه سبحانه، يقول سبحانه نقلاً عن يوسف (عليه السلام): (وما أُبَرِّىَُ نَفْسِي إنَّ النَّفس لأمّارةٌ بالسُوء إلاّ مَا رَحِمَ رَبّي إنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيم)(1).

فما أبرأ يوسف نفسه عن أمرها بالسوء، وإنّما كفّها عن ارتكاب السوء، لأنّ النفس طبعت على حب الشهوات التي تدور عليها رحى الحياة.

والأخلاق جاءت لتعديل ذلك الميل، وجعلها في مسير السعادة وحفظها عن الإفراط و التفريط، فالمادية نادت بالانصياع لرغبات اللّذات مهما أمكن، والرهبانية نادت بكبح جماح اللذات والشهوات والعزوف عن الحياة واللوذ في الكهوف والأديرة، ولكن الإسلام راح يدعو إلى منهج وسط بينهما، ففي الوقت الذي يدعو إلى أكل الطيّبات ويندّد بمن يحرّمها، ويقول: (قُل ْمَنْ حَرَّمَ زِينَة اللّهِ الّتي أخْرجَ لِعِبادِهِ والطَّيّباتِ مِنَ الرِّزْق)(2).

يأمر بكبح جماح النفس عن ارتكاب المعاصي والسيئات التي توجب الفوضى في المجتمع وتسوقه إلى الانحلال الأخلاقي.


1 - يوسف: 53

2 - الأعراف: 32