الصلة بين المقسم به والمقسم عليه

الصلة بينهما واضحة، فانّ المقسم عليه في هذه الآيات، كان يدور حول أحد أمرين:

أ- الدعوة إلى التحكيم إلى النبي والتسليم أمام قضائه.

بـ كون البعث والحشر والسؤال عن الأعمال، أمرًا حقًّا.

ومن الواضح أنّ كلا الأمرين من شؤون الربوبية، فإنّ الربّ إذا كان سائسًا ومدبرًا فهو أعلم بصلاح المدبر فيجب أن يكون مسلمًا لأمر النبيّ "صلى الله عليه وآله وسلم" ونهيه.

كما أنّ حياة المربوب من شؤون الرب دون فرق بين آجله وعاجله، فناسب الحلف بالرب عند الدعوة إلى الحشر والنشر.

وبعبارة أُخرى: كان المشركون ينكرون التسليم أمام أمره ونهيه، كما كانوا ينكرون البعث والنشر، ولما كان الجميع من شؤون الربوبية حلف بالرب تأكيدًا لربوبيته.

ثمّ إنّ المقسم به فيما مضى من الآيات هو لفظ الجلالة أو لفظ الرب، المشيرين إلى الواجب الجامع لجميع صفات الكمال والجمال.

وثمة آيات ربما يستظهر منها أنّ المقسم به هو سبحانه تبارك وتعالى لكن بلفظ مبهم ك-"ما" الموصولة، وقد جاء في آيات أربع:

1- (والسَّماءِ وما بَناها).

2- (والأرْضِ وما طَحيها).

3- (ونَفْسٍ وما سَوّاها)(1).

4- (وما خَلَقَ الذَّكَرَ والأنثى)(2).

وقد اختلفت كلمة المفسرين في تفسير لفظة "ما"، فالأكثرون على أنّها "ما" موصولة كناية عن اللّه سبحانه، وكأنّه سبحانه يقول: والسماء والذي بناها، والأرض والذي طحاها، ونفس والذي سواها، والواو للقسم.

وهناك من يذهب إلى أنّها "ما" مصدرية، وكأنّه يقول: أُقسم بالسماء وبنائها، والأرض وطحائها، والنفس وتسويتها.

ولكن الرأي الأوّل هو الأقرب لأنّ سياق الآية يؤيد ذلك، لأنّه سبحانه يقول: (فَألْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها)(3) فالفاعل هو الضمير المستتر الراجع إلى "ما" الموصولة الواردة في الآيات الثلاث المتقدمة.

والذي يصلح للفاعلية هو الموصول من "ما" لا المصدر، وسيوافيك تفصيل ذلك عند البحث عن الحلف بما ورد في هذه الآيات.


1 - الشمس: 5-7.

2 - الليل: 3

3 - الشمس: 8